أصبحنا فى حالة من الندب تنشر اليأس، ولم يعد النجوم الفضائيون قادرين على إشاعة الأمل أو البهجة، وهو ما أفقد الثورة ميزة مهمة من مهامها، خفة الدم والأمل، وأغلب - إن لم يكن كل السادة المرشحين المحتملين - يرقصون على السلالم، ويريدون إرضاء كل الأطراف.
لم ينتبه الكثير من كبار الفضائيين إلى أن الجمهور أصابه الملل من تكرار الفعل ورد الفعل، والسادة المرشحون المحتملون لرئاسة الجمهورية أصبحوا مرشحين محتملين للقنوات الفضائية، اكتفوا بإعادة إنتاج ما هو منتج، ومن لا يصدق فعليه مراجعة تصريحات المرشحين الفضائيين فى أزمات سابقة وحالية وقادمة، بينما القائد أو من يطرح نفسه للعمل السياسى مطالب بما هو أكثر من الندب والمزايدة، بعد أحداث مجلس الوزراء وسقوط شهداء وجرحى خرج المرشحون المحتملون ليدينوا الجميع، بعضهم قال إن الجيش أخطأ فى استخدام القوة، وبعضهم اتهم المعتصمين، والأغلب أمسك بالعصا من المنتصف وأدان المجلس والمعتصمين، أى أنهم أدانوا الطرفين، موقف تكرر فى ماسبيرو ومحمد محمود، ولم يسع أى منهم لتقديم مبادرة أو لقاء المعتصمين إلا لو كان يريد الاستعراض أمام الكاميرات، وإذا نزل «محتمل» للميدان يبحث عن أقرب كاميرا، أو يبلغ الفضائيات، ينزل ويطلق مزايداته ويرحل بعد التصوير.
مؤخرا خرج أحد كبار المحتملين ليشكو من اختراق هاكرز لتويتره، ومسح تغريداته النارية، مع أن تعليقاته «التويترية» أقل كثيراً من ملايين التغريدات التى تهتف بوضوح بسقوط حكم العسكر ولا تكتفى بانتقاد ممل، الهاكر اختار المحتمل وترك الآخرين.. ثم إن دور المحتمل المرشح هو أن ينزل ليكلم الناس وألا يكتفى «بتوتيرة» هنا وهناك، وقد رأينا كيف خسر أصدقاء الفضائيات والتويتر فى الانتخابات البرلمانية، بينما فاز مرشحو الحرية والعدالة ونشطاء أمثال عمرو الشوبكى ومصطفى النجار وعمرو حمزاوى وزياد العليمى ومحمد عبدالعليم وغيرهم. وحتى الذين خسروا مثل حافظ أبوسعدة وناصر أمين وخالد تليمة قدموا ما عليهم ولم يكتفوا بالجلوس فى الواقع الافتراضى، وإنما جربوا أن ينزلوا للواقع بمشكلاته وترابه وغباره.
لكن منذ بدأ الحديث عن انتخابات الرئاسة لم نر من المحتملين أى احتمال لموقف أو مبادرة تتجاوز أحاديث فضائية مكررة تثير الملل واليأس والنوم، وإذا كانت أخطاء المجلس العسكرى واضحة، والانتقادات له واجبة، لأن تحت يده القوة وهى جزء من السلطة، والسياسيون أيضا يمتلكون جزءا من السلطة وقطاعا من الإعلام. وبسبب السلوك الهروبى «للمحتملين» واكتفائهم بالفضائيات والمواقع الافتراضية التى تمثل جزءاً من الصورة انصرف عنهم المؤيدون. لم يتعلم المحتملون من الثوار الذين يمزجون بين الافتراضى والمشاركة فى الاعتصامات أو الانتخابات، واكتفوا بالشكوى من قلة الحيلة وتوجيه الاتهامات للمجلس العسكرى والمتاجرة - وليس المساندة - بالمعتصمين والشهداء وفى النهاية لا يصدقهم أحد لأنهم لا يرونهم، لأنهم افتراضيين.