لا تستوحش الطريق ولو قل سالكوه..
لا تفعلها أبدا ولو كنت وحيدا لنصرة الحق، والحق هنا حق وطن بماضيه وحاضره ومستقبله، قبل أن يكون حق فتاة صرخت باحثة عن النصرة فلم تجد، ففضحت بآلامها سلطة تدعى الشرف، وعرت مجتمعا يعانى من جملة أمراض نفسية حينما يتعلق الأمر بالنساء.
هذه حقيقة مؤسفة يا صديقى.. هل تتخيل مثلا أن رجال مصر الذين لم ينتفضوا ولم يألموا لتعرية وسحل فتاة التحرير كانوا أكثر الناس رفضا لوضع أسماء أمهاتهم فى البطاقات الشخصية القديمة إجلالا واحتراما لها على اعتبار أن اسمها حرمة يجب ألا تنتهك من جانب موظف عابث أو ضابط غاضب، أو صديق ساخر، وهم أنفسهم الرجال الذين اخترعوا لقب الجماعة والحكومة لإطلاقه على أهل المنزل من النساء تجنبا لذكر أسمائهن على أذن غير أمينة، وهؤلاء هم أنفسهم الذين يسحبون كارنيه «الرجولة» من المتهور الذى يرفع يده على امرأة.
أليس غريبا أن يمر أمر التعرية والسحل وانتهاك حرمات النساء مرور الكرام على رجال يحملون فى جعبتهم العقلية هذا النوع من الثقافة؟! هل تغير شيئا فى تركيبة الرجل المصرى ليدفع أشباه «بنى أدمين» مثل إلحاح توفيق عكاشة والشيخ خالد عبدالله لأن يتركوا فعل السحل والتعرية وانتهاك الأعراض ويقضوا وقت فراغهم التليفزيونى فى تحليل ملابس الفتاة ونوع ملابسها الداخلية وقذف شرفها بالباطل؟!
ربما تجد نساء مصر فى مليونية أمس نوعا من رد الاعتبار، أو دواء لجرح ألمه صعب ومخاوفه أصعب، وربما أكون مخطئا لو قلت لكم سيداتى آنساتى إن لقب جمعة «رد الشرف» لم يستهونى، فأنا لم أر فى الميدان شرفا قد سرق، أو عرضا قد انتهك، بل رأيت رجالا تعروا من نخوتهم، وسياسيين فضحتهم أطماعهم، ومجلسا عسكريا سيظل التاريخ يطارد كل جنرالاته بصورة الفتاة المسحولة، ومجتمعا وقف أمام المرأة فجأة ليكتشف أن خلل موازينه وصل إلى حد الخطر.
ارجع عدة سطور للخلف.. وقف عند الصورة الكائنة فى منتصف هذا العمود، وتأمل المشهد، مشهد المصريات المقاتلات اللاتى تطوعن للدفاع عن أرض وعرض وشرف مصر فى بورسعيد، وتذكر كل صحابية جليلة شاركت الرسول، عليه الصلاة والسلام، فى غزاواته، تأمل الصورة وتدبر فى التاريخ ربما تجد فيهما علاجا لأمراض مثل توفيق عكاشة والشيخ خالد عبدالله وأمراضك إن كنت مثلهم انشغلت بملابس الفتاة التحتية، وربما تجد فيهما الرضا عن حال هذا الوطن الذى يملك أمهات وبنات وزوجات قادرات على الدفاع عنه بأرواحهن أو بالتضحية بأرواح أحبائهن.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة