بعد كل مليونية فى ميدان التحرير ينتابنى القلق والخوف من تكرار سيناريو شارع محمد محمود وشارع مجلس الوزراء وانفجار الأوضاع بشكل مفاجئ ونصحو فجر اليوم التالى على دماء قد أريقت وأبرياء قد سقطوا فى ليلة عنف دامية، ثم تمر الأحداث دون التوصل إلى الجانى الحقيقى والمسؤول عن إطلاق الرصاص والقتل.
الوقائع تتشابه دائما وبدايتها تكاد تكون نسخة طبق الأصل، اشتباكات بين الباعة الجائلين والبلطجية من جانب، والمعتصمين من جانب آخر، فى قلب الميدان يضطر بعدها المعتصمون إلى نقل اعتصامهم بالقرب من مناطق ونقاط الاحتكاك والتماس مع قوات الأمن، وبعدها تقع الكارثة.
الاعتصام والتظاهر السلمى حق قانونى مشروع ولا أحد ينكره على المعتصمين، بشرط ألا يضر بمصالح المواطنين أو بسير العمل فى المصالح والمنشآت العامة ودون الوصول إلى نقطة الاشتعال والعنف مع قوات الأمن وتفويت الفرصة على من يدفع ويشجع على العنف والدم، سواء كان «لهوا خفيا» أو «طرفا ثالثا» غامضا.
لو كان هناك منهج واستراتيجية واضحة منذ البداية فى التظاهر والاعتصامات ما كانت هناك حجج واهية فى تحميل تلك الاعتصامات مسؤولية تعطيل عجلة الإنتاح وتباطؤ الوضع الاقتصادى، وبالتالى تشويه صورة المعتصمين والثوار بالطبع لدى قطاع عريض من الناس وإظهارهم بأنهم المعطلين لحركة الإنتاج وتدمير الاقتصاد، فى ظل تراخى الدولة وتهاونها وعجزها عن التعامل مع تلك الاعتصامات.
أيا كانت الأسباب والدوافع وراء الاعتصامات والتظاهرات فإن الخروج من المأزق الحالى يستدعى الحاجة إلى التفكير الجاد من القوى السياسية والوطنية والثورية لإعلان هدنة سياسية واجتماعية والتوصل لتوافق عام للمرحلة الانتقالية الحالية.
ويبدو أن تشابه الأوضاع بين مصر وتونس فى مسألة الاعتصامات والاحتجاجات دفعت بالرئيس التونسى المنتخب المنصف المرزوقى إلى الدعوة إلى وقفها ووصفها بالعمليات الانتحارية التى تؤدى إلى «غرق البلاد» - على حد وصفه فى اجتماعه مع رجال أعمال محليين وأجانب أمس الأول - وتلويحه بلجوء الدولة إلى ما يسمى بـ«مرحلة علوية القانون فى التعامل مع المعتصمين بعد أن استعملت لغة الرجاء والاستلطاف».
المرزوقى طالب المعتصمين بتعليق حركاتهم الاحتجاجية لمدة 6 أشهر فيما يشبه الهدنة، وحذر من أن النظام الديمقراطى مهدد بالموت فى حالة عدم دوران العجلة الاقتصادية.
فهل أخطأ الرئيس التونسى فى التهديد؟ وهل يحاول إجهاض الفعل الثورى للمعتصمين؟.. أسئلة أعتقد أننا فى مصر معنيين بالإجابة عنها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة