حاولت كثيرا أن أفهم أو أتفهم تصريحات السيد عمرو موسى مرشح الرئاسة المحتمل بالنسبة لوسائل الإعلام، وغير المحتمل بالنسبة لقلبى، لكنى كلما دققت فى تصريحاته تذكرت بيت الشعر الذى يقول: و«فسر الماء بعد الجهد بالماء» فهو مثلا إن أراد أن يعلق على كارثة طبيعية فى اليابان يقول: هذه كارثة والشعب اليابانى حزين، وإن أراد أن يعلق على الصدامات الواقعة فى بر مصر الشقيقة يقول: الكل حزين، والمشهد واضح للجميع، كما هو واضح أيضا لمن يريد أن يفعل شيئا، فأتمتم مرددا: لا تتعجب إنها إرادة الله.
أحاول أن أمسك كلمة واحدة ذات معنى، لكنى لا أظفر بما يشفى الصدر، أحاول أن أتبين له موقفا من أى شىء، لكنى لا أجد لا موقفا ولا شيئا، أحاول أن أرجع أسباب تلك التوهة، وتلك «الزفلطة» إلى كون سيادته «دبلوماسى» يجيد اللعب على الحبل، فلا أجد الحبل أصلا، غير أنى وبعد طول محاولات، أستريح للتفسير القائل بأن الرجل يحمل شيم العهد البائد بحذافيره، من أولئك الذين يجيدون المشى جنب الحيط، لعل وعسى تفتح الحيط يوما عن كنز خفى فيستريح السيد ويهتف: دهب.. مرجان.. ياقوت.. أحمدك يا رب.
فتحت الحيط وخرجت منها ثورة يناير، التى هى بمثابة الكنز الثمين لسيادته، وما أن خرجت الثورة حتى لقفها سيادته، وهاتك يا حملات زيارات ولقاءات، فى تصريح له نشرته مؤخرا جريدة «المصرى اليوم» استطعت التقاط معنى «ما» لكلامه، فقد قال السيد لمحبيه وأنصاره فى جولته بالصعيد التى قابلها الشباب بالهتافات المعادية: «الحكام العرب علاقتهم زفت مش عارف ليه» وهنا ولأول مرة منذ أشهر عديدة أظفر بمعنى واضح وصريح لتصريح لعمرو موسى، فهو «مش عارف» لماذا علاقات الحكام العرب ببعض «زفت».. وإنى لأتعجب كيف يكون السيد الذى مكث على رأس جامعة الدول العربية عشر سنوات أو يزيد «مبيعرفش» لماذا العلاقات سيئة بين الحكام العرب، من يا ترى له أن يعرف؟ ومن يا ترى يا هل ترى يضمن أن يمكث السيد موسى إذا ما فاز برئاسة مصر عشر سنوات أو يقل، ثم يخرج يا مولاى كما خلقتنى، وهو «ميعرفش» ليه انتخب؟ وماذا فعل؟
ولأن المرشح بالمرشح يذكر، أبدى هنا إعجابى بحملة السيد الفريق أحمد شفيق لترشيحه للرئاسة لا قدر الله، التى سربت خبرا للصحف أن كبريات الشركات الإعلانية تتنافس على تولى مهمة الترويج له ثم ظهر وبان «بوستر» الدعاية الجديد الخاص به، فإذا به ببلوفره العتيق الذى لم يغيره منذ الشتاء الماضى، رأيت البوستر فقلت: شفيق هوه هوه ببلوفره ونظرته، وتكتيفة يده التى يبدو أن مبارك لم يأمره بأن يحلها.