محمد الدسوقى رشدى

عودة فاطمة

الأربعاء، 28 ديسمبر 2011 07:57 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل تذكرون فاطمة التى كانت كلما سألها أحدهم رايحة فين يافاطمة؟.. تقول ببساطة بأنها رايحة تجيب أومو! أعرف أن ذاكرة المصريين ضعيفة، ولكن حينما يتعلق الأمر بمشوار الأخت فاطمة اللى كانت رايحة تجيب الأومو فلن ينسى المصريون فاطمة ولا أمها ولا حتى السيد «أومو» شخصيا حتى لو ظهر على الساحة 100 مسحوق مزيل للبقع غيره، لأن مصر كلها وبدون أن تدرى وفى نفس الوقت الزمنى الذى بدأت فيه فاطمة رحلتها لشراء «الأومو» فى منتصف التسعينيات كانت تستيقظ من نوم طويل ويعلن مواطنوها عن رحلة مشابهة لرحلة فاطمة من أجل شراء «أومو» قادر على إزالة البقع السياسية السوداء التى علقت فى ثوب الحياة المصرية منذ قرر النظام الحاكم الحالى أن يعتنى بنظافته. فى تلك الفترة ومع انطلاق الحملة الإعلانية للسيدة فاطمة التى كانت رايحة تشترى «أومو» بدأ الشعب المصرى حملة غير متوقعة وبداية صحوة تسير ببطء من أجل إصلاح ما يمكن إصلاحه فى الحياة السياسية المصرية. السنوات كانت تمر ببطء والشعب المصرى كان يواصل رحلته من أجل الحصول على أى مسحوق سياسى يساعده على تنظيف ثوب مصر، الذى تملؤه بقع القهر والتعذيب والطوارئ والتزوير، صحيح لم يصل مواطن واحد للدكان الذى يبيع المسحوق ولكن الرحلة ظلت مستمرة. الأيام مرت والكثير من الناس بدأ يدرك أن رجال نظام مبارك ليسوا الملائكة الغلاظ الشداد الذين تصعب هزيمتهم، وبدأت الدكاكين تفتح وبدأت مساحيق إزالة بقع العشوائية والمحسوبية والظلم تظهر.. مظاهرات فى وسط البلد.. تهتف بسقوط النظام.. ضغوط خارجية.. حركة كفاية.. صحف معارضة.. صحوة قضائية، وغيرها من المساحيق تشتريها الناس بقلوبها وتدعك بها وجه النظام لعله يصبح أكثر بياضا مما هو عليه بسبب بقع الاستبداد. ثم اكتشف الناس أن المساحيق العادية لم تفلح فى تنظيف أيدى رجال مبارك من ملوثات التعذيب والقهر وكتم الحريات، ربما لأنها ليست فى براعة وقدرة «الأومو» التى ذهبت فاطمة لشرائه منذ منتصف التسعينيات ولم يخبرنا إعلان تليفزيونى أنها قد وجدته حتى الآن، أو ربما لأن بقع هذا النظام وأخطاءه على ثوب الحياة المصرية أصعب من الكرات الزرقاء التى أضافوها للمساحيق الجديدة، أو لأن المصريين لم يأخذوا فم الغسيل بضمير وأخذوها على عجل وبدون تخطيط. بعد محاولات 2005 والأيام التالية لها كان الاعتقاد السائد هو، أن فاطمة تاهت، حصلت على الأومو خاصتها ولكنها ضلت الطريق أو تخطط لعودتها بشكل سليم مثلها مثلنا بالضبط، ومرت سنوات كنا ننادى فيها عبر ميكروفونات المساجد والفضائيات على فاطمة حتى جاء عام 2011 وظهرت فاطمة فجأة فى ميدان التحرير وفى يدها مسحوق أحدث ثورة فى عالم النظافة، ثورة أزالت البقع من جذورها ونجحت بكراتها الشبابية فى تفتييت صلابة بقعة الفساد وإزالة سواد مبارك عن ثوب مصر الناصع، بعد أول لفة من لفات الغسالة.

ولكن هل تدرك فاطمة ونحن معها أن عملية الغسيل تتم حتى الآن فى غسالة عادية؟، والأوساخ التى عششت فى ثوب مصر طوال السنوات الطويلة الماضية تحتاج إلى ماهو أكثر من غسالة فول أتوماتيك..تحتاج إلى استمرار وإصرار وإخلاص؟!!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة