اختلف الناس الآن بين رغبة بعضهم الجامحة فى أن يختفى أشخاص من حياتنا ولو إعلامياً على الأقل، وبين من يصابون بالغم حينما يتصورون هذه الدنيا بدون هؤلاء الأشخاص، وكلاهما على حق، فأنت لم تعرف قيمة أحمد حرارة وإخوانه من المخلصين، إلا إذا سمعت ورأيت شخصية مثل أحمد سبايدر، ولن تقتنع بجدية معتز الدمرداش وشعبية منى الشاذلى وحالة عمرو أديب، إلا إذا رأيت إبداعات توفيق عكاشة وكتابته الإعلامية الفذة، أما حسرتك على أبطال القوات المسلحة الذين استشهدوا فى الحروب السابقة، فلن تزيد إلا برؤية الجنرالات عادل عمارة وممدوح شاهين واللواء المتقاعد عبدالمنعم كاطو، فهؤلاء هم الترمومتر الذى سيغير مفهومك عمن صنع الثورة ومن الذى ركب عليها ومن الذى عرى بناتها وفقأ عيون شبابها وقتل أبناءها تحت عجلات المدرعات.
سيقول لك المخنثون وأنصاف الرجال، إن هؤلاء يدافعون عن وجهة نظرهم واعتقادهم الذى يؤمنون به، ومن حقهم هذا «أليس هذه هى الديمقراطية التى تنادون بها ؟!!!».. احترس من هذا أيضاً لأنه أكبر فخ عرفته مصر بعد الثورة، لأنه إذا كان من حق الجميع أن يعبر عن رأيه والجميع أحرار فيما يعتقدون، فهذا لا يعنى أن يخرج أحدهم ليدافع عن أفكار ومعتقدات شخص آخر بالوكالة، ثم يتمطى أمام الشاشة ليقول إن هذا ما نؤمن به، فبعضهم من جهله يعتقد خطأ أن النفاق لا يقف عند مدح من تنافقه، بل يمتد لسب من يختلف مع من تنافقه فى الرأى.
أحترم رأى الكثيرين ممن يحذرون الناس من الوقوع فى فخ الاستماع لهؤلاء من قبيل السخرية وتسلية الوقت، خوفاً من أن يتحول إلى إدمان يصنع نوعا من الرأى العام، وأنا أقول لكم إن الوطنيين فعلاً وأصحاب المبادئ الراسخة ممن ذاقوا بأس النظام السابق، وكرهوا منافقيه واصطلوا بنيران الباطل الذى يراد به باطل، سيظلون ينظرون إلى هؤلاء نظرة العابر غير المكترث إلا بما يسلى وقته، لأن الزبد سيذهب جفاء إلى طرة أو بئس المصير، وسنمكث نحن على هذه الأرض التى نحبها وتحبنا.. فليسقط حكم العسكر وليذهب منافقوهم إلى مزبلة التاريخ.