الذين ذهبوا إلى الانتخابات رفعوا رأس مصر أمام العالم، ورفعوا مؤشرات البورصة، وجعلوا الناس يشعرون بأنهم انتصروا على مخاوفهم، ونجح الإخوان بعد عشرات السنين عن طريق حزبهم فى حصد غالبية مقاعد الجولة الأولى من برلمان المرحلة الانتقالية، والذى سيشكل السلفيون المعارضة فيه، البرلمان الذى لن يحق له سحب الثقة من الحكومة «أو الحكومات» الانتقالية المقبلة، لأننا نعمل على أساس دستورى يجمع بين إعلان 19 مارس ومواد من دستور 71، أى أننا أمام برلمان تحت التشطيب، الإخوان حلوا محل الحزب الوطنى المنحل، واستخدموا آلياته وحيله، وحل مكتب الإرشاد محل لجنة السياسات، وجعلوا المجلس العسكرى ينام مرتاحا، لأنه يعتقد أنه سيكون أسهل التحدث إلى أشخاص منتخبين انتخابا ديمقراطيا ويمتلكون الشرعية الانتقالية، الشعب يعيش مرحلة انتقالية حقيقية، ويعرف فى قرارة نفسه أن الثورة مستمرة.
عندما تم الإعلان عن تكليف الدكتور الجنزورى بتشكيل الوزارة قيل إنها ذهبت إليه بعد اعتذار مصطفى باشا النحاس، وطالب آخرون بطلعت حرب باعتباره الأقرب إلى التحرير.
كنت أتمنى من رئيس الوزراء التاريخى الجديد أن يأخذ حقيبة وزارة السياحة من منير فخرى عبدالنور ويسلمها للتيار السلفى، ويسلم حقيبة الصحة للإخوان بعد ضم مستشفيات الدولة لمستوصفاتهم، والعدل لصبحى صالح والشباب والرياضة للبلتاجى والثقافة للحوينى والتجارة الداخلية للسويركى بعد أن حلت محلاته محل عمر أفندى وصيدناوى وشركة بيع المصنوعات، وأيضا لتواجد سياراته المكثف فى محيط ميدان التحرير، والبحث العلمى والبيئة لعبدالمنعم الشحات، والشباب والرياضة لجمال عبدالحميد، أما الوزارة المستحدثة الخاصة بأسر الشهداء ومصابى ماسبيرو ومحمد محمود فلن يجد أفضل من محمد سليم العوا، الذى يراه المجلس العسكرى «متفهما» «هو وعمرو موسى»، وهذا أقل حقوق هذا التيار القوى والأصيل الذى فاز فى الجولة الأولى من انتخابات المرحلة الانتقالية، لكى يرد للذين انتخبوه... بعض الجميل.
«الفاشلون» الذين يهاجمون تيارات الإسلام السياسى بسبب استخدامهم شعارات دينية، ويحقدون عليهم لأنهم اكتسحوا الجولة الأولى، عليهم أن يقبلوا النتيجة، لأنهم قرروا اللعب منذ البداية بدون قوانين تنظم اللعب، القوى الديمقراطية اعتقدت أن خصومها يلعبون اللعبة نفسها، ووزعوا لاعبيهم على أرض الملعب، وعندما أطلق المستشار حكم المباراة صافرة البداية اكتشفوا أن خصومهم فى المدرجات وليسوا فى الملعب ويهمسون فى أذن الجمهور.
المثقفون الذين جمعوا توقيعات فيما بينهم على بيان يطالب ثوار التحرير بفض اعتصامهم دعما للتحول الديمقراطى وحساسية الموقف والصدر، هم المثقفون الرسميون الذين جمعوا توقيعات تدعم فاروق حسنى بعد تسببه فى حرق أجمل شباب المسرحيين فى بنى سويف، وهم الذين كانوا «طوع» مبارك الأب والابن، وكانوا «أساسيين» فى كل اللقاءات معهما، وهم الذين أخذوا كل المزايا التى منحها النظام السابق لصبيته، وهم الذين سيختار الجنزورى واحدا منهم وزيرا للثقافة.