حسنى مبارك أمام المحكمة ليس هو نفسه الذى كان فى السلطة قبل عام.. ضعيف ومريض ومحمول على نقالة طبية. المشير اليوم ليس هو نفسه قبل عام، أنشط وأكثر حركة.
نفس الأمر مع فتحى سرور وصفوت الشريف ونظيف وعز وجمال مبارك، هم فى السجن ليسوا مثلهم فى السلطة. ليس فقط فرق التوقيت، لكنه فرق السلطة. التى تفرز هرمونات تقوى المناعة وتزيد النشاط.
الوزير والنائب يظل بصوت جهورى ولياقة بدنية وسياسية عالية طالما كان داخل دوائر صنع القرار، فى البرلمان أو الوزارة. وما إن يتم الاستغناء عنه حتى يفقد بريقه، ويفقد لياقته ويبدو كبيراً فى السن مهدماً مريضاً. وعلى العكس يبدو المسؤول السابق مهدماً حتى إذا دخل الوزارة يزداد نضارة ولياقة. انظر إلى الكثير من أعضاء المجلس العسكرى اليوم وقبل عام. كان مبارك يبدو فى صحة أكثر من عمره، يفتتح المشروعات ويخطب لساعة أو أكثر ، الآن هو نفسه نائم طوال الوقت. على العكس الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء الأسبق انزوى بعد خروجه من الحكومة، وما إن عاد للأضواء حتى بدا أكثر لياقة وأعلى صوتا، لا يتوقف عن استقبال الوزراء وحضور الاجتماعات ومتابعة الحكومة والمحافظين.
إنها هرمونات السلطة، تنشط غدد الحياة، وليست اختراعاً ولا نكتة بل تدعمها أبحاث علمية ومعملية، منها جزء عام فالمعاش يتحول إلى مقبرة للموظف، والعمل يحسن الأداء ويقلل الاكتئاب. أما السلطة فهى تدفع هرمونات مضاعفة تجعل الشخص أكثر نشاطا وحيوية، تضاعف نشاط القلب ومضادات الأكسدة والاكتئاب.
رأينا الرئيس الأمريكى الأسبق رونالد ريجان الذى تعرض للسرطان ومحاولة اغتيال وخضع لجراحات، وحكم وتعايش مع الزهايمر وخرج ليذبل ويموت. إذن حتى السلطة فى الدول الديمقراطية تقوى. صدام حسين الحاكم الفرد للعراق، ليس هو صدام الخارج من الحفرة مقبوضاً عليه بعد سقوط نظامه.
فى الدول العالم ثالثية تزداد هرمونات السلطة لدى الرئيس وتتوزع على المسؤولين، وقد رأينا كيف كانت اللياقة البدنية والسياسية لسرور والشريف وزكريا وكيف أصبحوا بعد حبسهم.
هرمون السلطة يبين الفرق بين مبارك فى الرئاسة ومبارك المخلوع. على العكس يبدو المشير طنطاوى أكثر نشاطا وقوة من صورته كوزير فى نظام مبارك. هو والجنزورى فى نضارة السلطة. إنه الهرمون الذى يمثل دفقة فى شرايين وغدد المسؤول، تفرزه غدة السلطة، ويتوقف بعد الخروج من الأضواء.
وحتى الثروة قد تكون جزءاً من السلطة، مثل الإعلام، لكنها تبقى ذات تأثير أقل من السلطة بمعناها الأشمل. وهو أمر ينطبق أيضاً على النجوم الذين يستمدون قوتهم من الأضواء، ويفقدون تلك القوة بعد انحسار الأضواء عنهم. وهو ما يمكن تسميته سلطة الكاميرا أو الأضواء، وهى أيضاً جزء من السلطة بمعناها الشامل. لكن يبقى هرمون السلطة السياسية هو الأقوى.