محمد الدسوقى رشدى

النصب فى محاكمة مبارك

السبت، 31 ديسمبر 2011 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أحيانا أشعر بأن بعضا من «العبط» معلق بذيل الثورة المصرية، فهل تتخيل مثلا أن الرئيس السابق حسنى مبارك، يأتى ويذهب إلى القفص بتكلفة تتعدى ملايين الجنيهات لمحاكمته فقط على قتل المتظاهرين فى ميدان التحرير والاستيلاء على «فيلا» أو أكثر؟ هل تتخيل أن تكون هذه هى تهمة الرجل الذى وضع مصر لمدة 30 سنة فى «الديب فريزر» وفسد فيها وأفسدها؟، أنا أدعوك لأن تقرأ السطور التالية، لكى تكتشف جريمة من ضمن جرائم عديدة، لن تفلح محاكمة مبارك ولن تصلح إذا لم يتم ضمها إلى صحيفة جرائمه..

كان الحادث مؤلما ويحمل من الدلالات ما هو أكثر إيلاما من فكرة الموت غرقا.. الضحايا 9 فتيات صغيرات خرجن للبحث عن المتعة والترفيه.. فلم يحصلن لا على المتعة ولا على الترفيه، لأن المركب غرق بعد خمسة أمتار فقط من بداية رحلته النيلية، بعض الجثث عادت ليجفف الأهل دموعهم فى أحضانها التى غير الماء ملامحها، وبعض الجثث بقيت فى بطن النيل بصحبة العرائس، التى طالما أهداها الفراعنة لشريان الحياة المصرى، غير أن أهل فتيات مركب المعادى لا هم فراعنة ولا هم يرغبون فى أن يجعلوا من جثث بناتهم هدايا للنيل الذى خطفهن غدرا.

حادث العام الماضى كان شبيها بما حدث فى عبارة السلام وفى قطار الصعيد، مع فارق أن تلك سفينة وهذا مركب والثالث قطار، وهذا نهر والآخر بحر وتلك خطوط سكة حديد، والضحايا هنا 9 بينما كانوا هناك ألفاً وأكثر.. والفارق الأهم أن صاحب العبارة «مليونير وواصل» فهرب للخارج، بينما صاحب المركب فقير وبلا ضهر فذهب إلى السجن..ومع كل هذه الفوارق بقيت الأسباب والنتيجة متشابهة إلى حد كبير.

بالنسبة للعبارة لا يمكن أن نغفل أبدا دور الجهات الحكومية المعنية، التى تقاعست عن مراقبة أمور السلامة والجودة والأمان، على متن عبارة معروف جيدا أنها تلعب فى أواخر العمر الافتراضى، وذهبت أجهزة الإنقاذ متأخرة كثيرا، وفى مركب حلوان أيضا تقاعست الجهات الحكومية نفسها عن مراقبة سلامة المراكب السياحية، ومدى توافر عوامل الأمان بها وتقاعست شرطة المسطحات المائية فى القيام بدورها وفى عمليات التفتيش الدورى على كل ما يسير على وجه النيل.

وبناء على ما تقدم من أسباب متشابهة، جاءت النتيجة متطابقة، ضحايا بالجملة كل ذنبهم أنهم غلابة وصدقوا نظام حسنى مبارك الذى وعدهم بالعبور إلى المستقبل فأغرق البلد كلها فى قاع من طين ووحل، ضحايا فى عمر الزهور وجثث ضائعة وأشلاء تائهة بسبب جشع التجار والملاك والموظفين المتقاعسين والفاسدين والمرتشين الذين خلقهم نظام مبارك الفاسد.

أنا لا أبرئ صاحب العبارة ولا أنفض غبار سنوات السجن العشر من على كتف مراكبى حلوان، أنا فقط أشير بصدق نحو المجرم الحقيقى، هؤلاء الذين وضعهم نظام مبارك على كراسى المسؤولية وأجبرنا على قبولهم وتحملهم، الذين علمهم مبارك ودولته تزوير التقارير مقابل الإكراميات، وتمرير المخالفات لمن يدفع بسخاء، أنا لا أقصر الحديث هنا على حادثى العبارة والمركب ولكن على آلاف العمارات التى تسقط على الرؤوس، لأنها بالرشوة ارتفعت كالناطحات، وعشرات الطرق التى تهبط ويتدهور حالها، لأن المهندس المسؤول قرر أن يقبض من المقاول ثمن الصمت على المخالفات.

أتحدث عن منظومة كاملة أسسها مبارك وعليها يستحق العقاب، وعن ضميرنا الذى يرتاح، لمجرد أن فردا واحدا قد تم تحميله الذنب منفردا، وذهب إلى السجن أو إلى حبل المشنقة، بينما بقية العصابة فى ساحة الأمان.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة