العام المنصرم كان أخطر وأهم الأعوام فى تاريخ مصر المعاصرة، فقد شهد نجاح ثورة 25 يناير فى خلع مبارك من الحكم، وتقديمه وبعض عصابته إلى المحاكمة، وفتح الباب واسعا نحو تحرير الإنسان المصرى من الخوف.
أسقطت الثورة جهاز أمن الدولة الرهيب، وأعادت طرح مسألة السياسة على مائدة النقاش فى مصر بعد أن كانت قد كتب لها الوفاة فى عصر مبارك.
حررت الثورة الإسلاميين من العزل والمنع السياسى فلم يعد الإخوان ولا الجماعة الإسلامية ولا الجهاد ولا السلفيون جماعات محظورة أو مطاردة، وإنما فتحت لها الأبواب واسعة لتشارك فى تأسيس الأحزاب الجديدة، وتدخل غمار الانتخابات وتحقق فيها فوزا كاسحا.
شهدت البلاد مشاركة واسعة للمصريين فى العملية السياسية بداية من الاستفتاء على التعديلات الدستورية والتى صوت غالبية المصريين لها بنعم، كما شهدت مشاركة واسعة للمصريين فى الجولتين الأوليين من الانتخابات.
لعل أخطر ما يواجه الثورة فى مصر هو غياب قيادة موحدة لها، وغياب أجندة واضحة من أجل الإجابة عن الأسئلة الصعبة لما بعد نجاح الثورة فى موجتها الأولى، ومن ثم صرنا بإزاء شباب قام بالثورة، ولم يستطع حماية نتائجها فاضطر لتعميد الحفاظ على استمرارها بدمه فى مواجهات محمد محمود فى شهر نوفمبر الماضى، وفى مواجهات قصر العينى ومجلس الوزراء فى شهر ديسمبر الجارى.
وهناك قوى الحكم التى يمثلها المجلس العسكرى، والتى أظهرت تخبطا فى التعامل مع أزمات ذلك العام الكبرى.
وهذه القوى أظهرت تخبطا أيضا فى مكانتها داخل النظام السياسى عبر إضافتها لمواد فى وثيقة السلمى تريد أن تحصنها فى مواجهة البرلمان سواء على مستوى التشريعات الخاصة بها أو على مستوى ميزانيتها، وهو ما جعل المسافة تتسع بينها وبين القوى التى كانت متحالفة معها.
تمضى الانتخابات البرلمانية للاكتمال، بينما لا يزال ميدان التحرير مقصدا للغاضبين والثائرين الذين يشعرون أن الثورة لم تكتمل، ومن ثم صارت لدينا شرعية للميدان وشرعية للبرلمان وشرعية للمجلس العسكرى، وهو ما جعل البعض يتحدث عن توزيع الشرعية على ثلاثة أقسام، فهناك ثلث للثورة وثلث للبرلمان وثلث للمجلس العسكرى.
لا يزال الدستور لم يُكتب، والرئيس المدنى لم ينتخب، والعسكر فى موضع اختبار هائل بشأن تسليم السلطة للرئيس المدنى المنتخب، والأسئلة المطروحة بشأن الثورة أكثر من الإجابات، بيد أن الشىء الواضح يقينا هو أن الثورة لا تزال بعد فى طور الاكتمال، وأنها أسقطت الرئيس، لكنها لا تزال بعد لم تؤسس للبديل.
بقدر ما كان ذلك العام مفعما فى بدايته بحدث الثورة والتفاؤل بميدان التحرير والشعب المصرى، بقدر ما كانت نهايته تثير المخاوف والقلق والأسئلة، فهل نطمع أن يعطينا العام الجديد إجابات عن تلك الأسئلة التى تبدد مخاوفنا وقلقنا على الثورة وعلى مستقبلنا؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة