إبراهيم داود

.. وشوف سابتنا فين؟

السبت، 31 ديسمبر 2011 04:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
> لست متشائما، لأن ما حدث أكبر مما يتخيله عقل، ولست خائفا على مصر لأنها أكبر من الذين يتحدثون باسمها، ولست خائفا على الإسلام لأنه أعظم من أعدائه ومن الذين يتحدثون باسمه لاقتناص السلطة، أنا فقط خائف على الطيبة التى بدأت تتكسر على الرصيف، وعلى الأشجار التى أهملتها الفضائيات والصحف، لكى تفسح الطريق أمام المتاريس، خائف على البداهة التى جعلت ميدان التحرير شيئا أكبر من مفردة «التحرير»، وعلى ليل القاهرة وعلى الارتجال والخروج «المحمود» على النص، على صوت على محمود فى الصباح، على صوت مصطفى إسماعيل ومحمد رفعت وعبدالفتاح الشعشاعى طوال الوقت، على «شمس الأصيل» وأفلام الأبيض والأسود، على تمثال نهضة مصر.. خائف على السنة التى ستنتهى اليوم.
> فى الأيام الأخيرة من 2011 تشعر أنك لست وحدك، ومع هذا تشعر بالوحدة، الوحدة التى تتبدد عندما تتذكر ملامح الشهداء وابتسامة الشيخ عماد عفت وجسارة علاء عبدالفتاح ومحمد هاشم ومئات تلتقيهم وهم فى طريقهم إلى هدف نبيل، تشعر بالدفء عندما تنتبه إلى أهمية أحمد حرارة للإنسانية، أنت تشعر بالزهو هذه الأيام لأن سميرة إبراهيم انتصرت «ولو جزئيا»، أو لأنها مصرية.

> كنت تنتظر بعد كل هذه الشهور أن تطالعك الصحف بالأخبار التى كنت تنتظرها مثل: إلغاء الدعم على كل أجهزة القمع، من حق كل مواطن أن يعالج أولا ثم نسأل عن اسمه ودينه ووظيفته، المساجد والكنائس دور عبادة، عودة التليفزيون والأهرام والسلطة إلى الشعب، رموز النظام السابق يلتمسون تخفيف العقوبة أو «العفو» من الثوار ويتعهدون برد الأموال التى سرقوها، كنت تنتظر أن يشهد المجلس العسكرى حفل تخرج دفعات جديدة من كليات الفنون الجميلة والتربية والطب ودار العلوم والشريعة والقانون ومعهد إلكترونيات منوف ومعهد القطن، كما يفعل مع خريجى كلياته، كنت تنتظر طفرة فى حرية الفكر والإبداع والبحث العلمى، وأن تشاهد وجوها جديدة فى التليفزيون، ولكنك قبل يومين من نهاية أطول وأعظم وأقسى عام فى تاريخك وتاريخ أهلك قرأت: البشرى يخرج عن صمته: «الرئاسة» قبل الدستور، محاكمة مبارك تعود إلى التأجيل، طنطاوى يحيل الضباط المتهمين باستعمال القسوة فى التحقيقات إلى القضاء العسكرى، الشحات يعاود الهجوم على النخبة وصبحى صالح يتحدث من الوادى الجديد، العادلى يتجول بالنظارة السوداء والبليزر الأزرق فى المحكمة بدون كلابشات أو حراسة، «النهى عن المنكر» تهدد «النور» بنشر وثائق تكشف تقديمه دعما ماليا لتأسيسها، وتؤكد: 1 يناير «اللى هو بكره» سنبدأ بمراقبة السلوك والمتطوع يلبس عباءة بيضاء ويمسك عصا خيزران «مؤقتا لحين توفير العصى الكهربائية»، وما إن تفرغ من طى الصحف تلح عليك جملة بليغ حمدى الجميلة وتدندن مع عبدالحليم «شوف بقينا فين يا قلبى وهى راحت فين؟ شوف خدتنا لفين يا قلبى وشوف سابتنا فين؟»
> توجد مقولة لا أعرف أين قرأتها أو سمعتها، ولكنها تلح على كثيرا، أعتقد أنها قادمة من الشرق القديم، ولأننى لا أذكر ولم يقل لى أحد من الذين أستدعيها أمامهم، ومعظمهم من المثقفين الثقات ما هو مصدرها، قررت أن أنسبها إلى نفسى «وربنا يسامحنى»، تقول: «إن لم تكن جميلا فى العشرين وقويا فى الثلاثين وغنيا فى الأربعين وحكيما فى الخمسين.. فلا أمل لك»، ولأننى فى سبتمبر الماضى أتممت الخمسين، ولم أنجح فى اختبار الأربعين «لأسباب جينية»، فكرت فى موضوع الحكمة، لأنه الأمل الوحيد المتبقى، وما إن شرعت فى ممارسة مهام الحكيم وجدتنى محاصرا بجيوش من الحكماء، بدءا من المجلس العسكرى مرورا بالاستشارى وفهمى هويدى ومعتز عبدالفتاح ومصطفى الفقى ونجيب ساويرس وحسام بدراوى ومحمد سلماوى والسيد البدوى ويوسف القعيد ووحيد عبدالمجيد، وغيرهم من نجوم العمل العام، ناهيك عن عدد لا يستهان به من مقدمى البرامج والمرشحين المحتملين ومعلقى المباريات والفقهاء الدستوريين ونقاد الأدب والشعراء والروائيين وكتاب الأعمدة الذين صاروا أكثر من القراء ورؤساء التحرير والخبراء الاستراتيجيين.. قلت لنفسى: «هتروح فين؟ خليك فى حالك».. وكل عام ومصر وأنتم بخير.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة