يتداول بعض النشطاء فيديو سابق للمهندس عبدالمنعم الشحات وهو يقول إن الديمقراطية حرام وكفر، بينما الرجل خاض الانتخابات ويستعد للإعادة، والشحات لم يكن وحده يقول إن الديمقراطية حرام، ثم عاد وغير رأيه.. عاصرنا الكثير من المنتمين لتيارات دينية ويعتبرون الديمقراطية كفرا، ويرفضون فكرة أن يحكم الشعب نفسه، نرى هؤلاء يخوضون الانتخابات الأخيرة وبعضهم فاز والآخر خسر.
وعلى عكس كثيرين فأنا أعتبر أن خوض من حرموا الديمقراطية من قبل للانتخابات هو اعتراف بخطأ آرائهم السابقة، واعتراف بأنهم عادوا ليعترفوا بأنها حلال، وأتصور أنهم بالممارسة سوف يفهمون ماذا يعنى حكم الشعب لنفسه، وكيف أن السياسة يمارسها بشر يخطئون ويصيبون ويكذبون ويناورون، وأنها تكون حلالا كلما أسعدت عباد الله.
هو تحول ضخم فى أفكار الكثير من الجماعات السلفية سبقهم إليها الإخوان، وحسموا أمرهم وخاضوا الانتخابات، وتعرضوا لاتهامات من تيارات سلفية اعتبرت الإخوان يخالفون الإسلام.. الآن هؤلاء تعلموا من الإخوان، وسوف يتعلمون أكثر من السياسة، بعد أن تركوا العزلة، وهو تطور إيجابى، طالما ارتضى هؤلاء أن تكون صناديق الانتخابات هى الفيصل وأن يخضع الجميع لإرادة المواطنين، سوف يعرفون أن الأمر ليس معركة أو مباراة بين الحق والباطل، ويعلمون أن الديمقراطية منافسة بين بشر يفوز فيها ويستمر من ينجح فى إقامة النظام الأكثر عدالة وحرية ومساواة.
وعليه فإن خوض من كانوا يحرمون الديمقراطية، الانتخابات هو تطور فى تفكيرهم سوف يثمر قناعات جديدة تغير شكل الأحزاب والتيارات.
وهؤلاء الذين فازوا من أى تيار هم مواطنون يأكلون مما يأكل الشعب ويشربون مما يشرب، ويعرفون مشكلاته، والأهم أنهم لم يغتصبوا مكانهم بل جاءوا بالانتخابات، فإن أصابوا استمروا وإن فشلوا خرجوا بنفس القاعدة.
وهذا لا ينطبق فقط على السلفيين أو الإخوان بل أيضا على من ينتمون لليسار أو الليبراليين، الذين ينتظر منهم المواطنون أن يعملوا لبناء نظام ديمقراطى يمنح كل المواطنين حقوقهم من دون تفرقة ويعالجوا مشكلات مزمنة.
وهناك حكمة بريطانية تقول إن الناخبين عندما يخرجون للتصويت لا يذهبون لاختيار حزب حاكم، بل لإسقاط الحزب الحاكم وإحلال المعارضة، والانتخابات فى الدول الحديثة، تبادل بين الأحزاب، الناس يصيبها الملل من الحزب الحاكم، وتكون المعارضة «على البر» فتعلن أن لديها حلولا لكل المشكلات، تفوز لتصبح فى الحكم، ويعود المواطنون ليختاروا المعارضة.
تقوم المعارضة بدور الرقابة، ويخشى الحزب الحاكم من الانحراف حتى لا تفضحه المعارضة، ويجرى التداول فى صورته البسيطة. الجمهوريون والديمقراطيون فى أمريكا، والمحافظون والعمال فى بريطانيا، ونفس الأمر فى ألمانيا والنمسا وإيطاليا وتركيا، وهذه هى الديمقراطية الحلال لأنها منافسة بين بشر من أجل إسعاد البشر، وهو أمر لا شك يرضى الله العادل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة