لا أعلم على من يبكى الخاسرون، لماذا يولولون، هم من الإخوان خائفون لكنهم على المواجهة ليسوا قادرين، الإخوان حتى الآن لم يحصدوا سوى مقعدين فقط من بين أربعة ظهر هلالهم، والبقية معلقة فى الهواء، أنفاسها محبوسة فى الصندوق الزجاجى لا تعرف مصيرها، لكن رغم ذلك حكم المنافسون أنها من نصيب الإخوان، حتى الآن المباراة ما زالت فى ربع شوطها الأول ورغم ذلك رفعوا الرايات البيضاء وبصموا بالعشرة على نجاح الإخوان وفشلهم، سلموا أوراقهم مبكرًا وفتحوا الباب للهجوم المضاد ضد الحرية والعدالة وجماعته المتدثر بها، لم يفكر أحد بمنطق "إن دامت لغيرك ما انتقلت إليك"، لم يتذكر أحد أن الإخوان ما هم إلا طرف فى صراع سياسى داخل حلبة لم تفض بعد فجولاتها كثيرة وكل الاحتمالات واردة.
اليوم الإخوان فائزون وربما فى جولة أخرى يكونوا من الخاسرين، لم يخاطب أحد من خصوم الإخوان الناخبين بما لديه من برامج وأفكار ربما تنقذه فيما هو آت من جولات واكتفوا بالضرب فى الإخوان وكل من هو إسلامى، اعتبروا تقطيع الإخوان إعلاميا هو خير رد على هزيمة لم تأت بعد، لكنها عندهم فى حكم المؤكد، استبدلوا الفوز الإعلامى بالخسارة الميدانية، هونوا على أنفسهم فضيحة السقوط المدوى شعبياً بالحرب الفضائية التى فتحوا نيرانها على الإسلاميين فى تليفزيونات مصر وأمريكا وكندا، كل محاولات الطمأنة الإخوانية لم تفلح فى لجم الألسنة ولم تقطع الطريق على هواة الحرب، كل إشارات الاعتدال التى أبداها مرشحو وقيادات الحرية والعدالة لم تسهم ولو بقليل فى فرض هدنة سياسية انتظارا لما ستسفر عنه معركة الصناديق، فكل هذا لا يقنع الخصوم ويبدوا أن المطلوب من الإخوان أكثر بكثير مما قدموه، مطلوب منهم القسم داخل ميدان التحرير على ما يريده الخصوم من حماية، مطلوب منهم التخلى عن كل ما هو إسلامى، أن يحلق المرشد لحيته ويرتدى قبعة الكاوبوى الأمريكية، أن يتنازل الدكتور محمد مرسى ورجال حزبه عن مبادئ الشريعة التى يخشاها مدعوا المدنية والليبرالية وهم عنها بعيدون، مطلوب من جماعة الإخوان وحزبهم أن يفتحوا طريقا سريعا مع البيت الأبيض، أن توقع سفيرة واشنطن على برنامج الحزب الإخوانى وأفكاره قبل أن يدخل البرلمان، وإذا لم يفعل الإخوان فهم متشددون متطرفون وربما إرهابيون ولا تستبعد أن تجد قائمة الإرهاب الأمريكية فى وقت لاحق يتصدرها الإخوان.
لم يكن هذا هو المتوقع فى التعامل مع الخصوم السياسيين، الضرب تحت الحزام وإن كان بشكل غير مباشر يفسد العرس الديمقراطى التى شهدته كل اللجان الانتخابية، يعطل انتقال الحكم إلى سلطة مدنية، ليس غريبا ولا مستبعدا أن نجد من كانوا يعادون العسكر يفضلون استمرارهم بدلا من تسليم البلد لحكم الإخوان، كنت أظن أن هؤلاء يؤمنون أن الديمقراطية ليست طريقاً واحداً، الديمقراطية احتمالات ومثلما يمكن أن تفوز يمكن أيضا أن تخسر ويفوز الخصوم، لكن المبادئ التى يدرسونها ويتشدقون بها شىء والأطماع السياسية شىء آخر.
قبل الانتخابات كنا ندعو أن تمر الانتخابات سلمية، وتكون المنافسة فيها شريفة والخسارة حميدة بلا دماء ولا أشلاء سياسية، بدأناها بالفعل بدون دماء لكن ما زالت الأشلاء تتناثر على شاشات الفضائيات، وربنا يسترها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة