من المظاهر التى لا تخطئها العين، والتى تلفت الانتباه بالنسبة لمرتادى مهرجان مراكش السينمائى الدولى، هو حجم الجمهور الذى يصطف فى طوابير طويلة من الصباح الباكر للحصول على دعوات لارتياد الأفلام والتعرف على السينمات المختلفة، ويبدو المشهد مبهرا لأن مسؤولى المهرجان يعرفون جيدا، قيمة نشر الوعى الثقافى والفنى، وأهمية تنمية الفكر الإنسانى عن طريق الذهاب بالفنون إلى الجمهور وليس فقط عن طريق دعوتهم إليها، فالاختيارات متاحة لمن يرغب فى ارتياد العرض، التى تقام عروض المهرجان بها، فالدعوات متاحة، ومن ينشغل بهمومه الحياتية فالسينما تذهب إليه حيث تعرض بالساحة الكبيرة، لذلك تشعر بأن هناك حالة مهرجانية تشعرها المدينة بأكملها، وليس فقط المهتمون والمتخصصون فى السينما، فمراكش جميعها تعيش الحدث كل بطريقته، وتلك الظاهرة من أجمل ما أنجزته إدارة مهرجان مراكش فى السنوات العشر الماضية من عمر المهرجان.
نور الدين الصايل فى المؤتمر الصحفى الذى عقده السينمائى المغربى نور الدين الصايل، مدير المهرجان ومسؤول المركز السينمائى المغربى مع الصحافة العربية، بادره الزميل جمال من وكالة أنباء الشرق الأوسط بسؤال حول المد الإسلامى، وفوز الإسلاميين فى الانتخابات الأخيرة بالمغرب باكتساح، حيث سيقومون بتشكيل الحكومة، الحال نفسه فى تونس، وحتى الآن فى مصر يبدو أن الإسلاميين هم الأقرب بالفوز، رغم انتظارنا إجراء الانتخابات المرحلتين الثانية والثالثة، وأعتقد أن السينمائى المغربى الصايل، والذى يملك قدرا كبيرا من الوعى، رد بجملة مقتضبة وبذكاء شديد لا أحد يستطيع أن يقف فى وجه الإبداع، ويبدو أن صعود الإسلاميين للحكومات يشغل بال الكثيرين من الحضور، خصوصا العاملين فى مجال الإبداع والفنون فأغلبهم أصبح لا يعرف الآلية التى سيعمل بها الإسلاميون مع منظومة الفنون بأكملها، والبعض منهم يشكك فى الكثير من التصريحات التى تخرج عن الإسلاميين، وتؤكد أنهم مع الفن وليس لهم علاقة بما ينتج أو يقدم ومن خلال النقاشات التى أصبحت تمثل هاجسا حقيقيا لدى مرتادى المهرجان ونجومه تجد أن المتخوفون يؤكدون أن التصريحات الهادئة والتى تصدر عن قيادات الإسلاميين، ما هى إلا مرحلة وستمر مرور الكرام لأنهم ببساطة يخشون من أن يخسرون قاعدتهم الجماهيرية فى بداية توليهم مسؤولية الحكومات وينتظرون لوقت محدد وبعدها سيضيقون ويفرضون قيودا على الإبداع، ولكن يبدو أن السينمائى نور الدين الصايل يراهن على جمهور بات أكثر وعيا وجيل من الشباب فى المنطقة العربية لن يستسلم بسهولة لأى قيود قد تفرض عليه، فى مجال تعاطيه مع الفنون.