الميادين والصناديق تتنازعان قيادة التغيير فى مصر وقد قامت بينهما مشادة كبيرة حتى كاد أحدهما أن يفتك بالآخر.. وقد شهدت هذه المشادة، العنيفة وحاولت الفصل بينهما دون جدوى، ولعلى أنقل لكم طرفًا من هذه المشادة، تقول الميادين: لولاى ما كانت الانتخابات، ولولاى ما رحل النظام ولولاى لاستمر التزوير، أنا الذى هدمت نظام مبارك وأزلت برلمان التزوير السابق وسيطرة الحزب الوطنى وجعلتكم فى الصدارة.
تقول الصناديق: أنت هدمت النظام وأزلت برلمان التزوير ولكننى سأبنى المؤسسات من جديد، فلن تبقى دولة بدون مؤسسات، والبناء أهم من الهدم وأصعب وأشق منه.
فترد الميادين: لولاى ما حدث أى تغيير، وأنتم يا صناديق مثل أبنائى، فلا تتنكروا لى ولا تنسونى فى غمرة زهوكم وإعجابكم بالملايين التى أقبلت على وضع أصواتها فيكم.
وتتعجب الصناديق قائلة: الميادين فيها الدماء.. وفيها الإصابات وفيها الثورة.. وفيها الصدامات المروعة، فترد الميادين غاضبة: وهل حدث تغيير فى أى مكان إلا بدماء الشهداء؟ فهذه الدماء الزكية هى سر التغيير، ولولاها لاستمر التزوير، ولولاها لحشيت الصناديق بالأوراق المزورة، ولولاها لتأجلت الانتخابات البرلمانية والرئاسية أو لم تتم من الأصل، فتصمت الصناديق بحكمة قائلة: تغيير الثورات والميادين لا تحتاجه الأمم كثيرًا، فهو استثناء وليس أصلاً، فأنتم استثناء يحدث كل خمسين عامًا، أما نحن الصناديق فتحتاجنا الأمم باستمرار كطريقة سلمية قانونية للتغيير، ثم هل نسيتم يا ميادين أنكم تؤثرون سلبًا على الاقتصاد وعلى البورصة.. وعلى الأمن؟ لكن انظر إلى الانتخابات الحرة النزيهة السلمية تفيد الاقتصاد وتنفع البورصة ويعجب العالم كله بنا نحن الصناديق.
فيشتد غيظ الميادين قائلة: نحن رمز التضحية، وإذا كنا ضحينا بالدماء وتحملنا الجراحات أفلا يتحمل الوطن والشعب كله خسائر البورصة وبعض السلبيات الاقتصادية، ثم أى إعجاب من العالم بالصناديق مثل الإعجاب الذى حزناه نحن الميادين؟!
فترد الصناديق صاعًا بصاع قائلة: كان هذا أيام ثورة 25 يناير وبعدها بقليل.. أما الآن فالصناديق هى فى واجهة الحدث، وفى كل الشاشات والكاميرات مصوبة نحوها، وكلمات الإعجاب تشيد بنا فى كل مكان بعد أن كنا نلعن صباح مساء فى عهد مبارك، نحن الآن فى قلب الصورة والمشهد يا أيتها الميادين الحبيبة.
قالت الصناديق: اختيار الميادين دائمًا عاطفى ومتقلب لا يستقر على حال، فقد اختار التحرير د. عصام شرف وحملوه على الأعناق، والآن تلقونه على الأرض وتهاجمونه صباح مساء، أما اختيارنا فدقيق وصحيح ويأتى من كل شرائح المجتمع.
ردت الميادين: شبابنا ناضج ومعنا كل شرائح المجتمع أيضًا، ولكن الميادين تحتاج إلى الشباب الثائر العاطفى أكثر من العقلانى، وهذا ليس عيبًا، وإذا كنا أخطأنا مرة فهذا ليس مبررًا للتطاول علينا.
وبعد هذا السجال اتفقت الصناديق والميادين على التصالح وأن يبقى كل منهما وسيلة مهمة من وسائل التغيير فى مصر، وألا يقصى أحدهما الآخر وأن يؤدى كل منهما دوره فى تغيير مصر إلى الأحسن والأفضل، وقد شهدت على الصلح بينهما، وألف مبروك لمصر على هذا الصلح.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة