انتبه.. فالتاريخ يعيد نفسه، وها هو الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين يقول فى حديثه مع الإعلامى اللامع عمرو الليثى فى برنامج 90 دقيقة أمس الأول بقناة المحور «لو كان بينى وبين المجلس العسكرى شعرة لأرخيتها إن شددها، ولشددتها إن أرخاها» ولم يجد فضيلة المرشد العام إلا المثال الذى ضربه «معاوية بن أبى سفيان» الذى جعل الخلافة الإسلامية الراشدة ملكا عضوضا، حينما قال «لو كان بينى وبين النـاس شعرة ما قطـــعـتها» ليستلهمه، معلنا حرصه وولاءه للناس فقط دون سواهم، لكن التطور التاريخى جعل «بديع» يستبدل كلمة المجلس العسكرى بكلمة الناس، ليعلن ولاءه للمجلس وحده لا شريك له.
الشعرة هى ما يمسكها المرشد «أى مرشد» دائما، قبل بديع مسكها مهدى عاكف، حينما أعلن عن تأييده لمبارك، وخاض الانتخابات بصفقة معقودة مع الحزب الوطنى، وصمت وصهين عن مشروع التوريث، وألمح أكثر من مرة أنه لا يمانع إذا ما تولى جمال مبارك، وحتى حينما قامت ثورة يناير حافظ خليفته «بديع» على هذه الشعرة، فخاض الانتخابات 2010 متحديا مطالبات العديد من القوى الوطنية بمقاطعتها، ثم حاول أن يلتقط الشعرة بمقاطعة «الإعادة»، وحينما قامت ثورة يناير أعلن أن جماعته لن تشارك فيها، لكن سرعان ما أعلن عن مشاركته فيها بعد تأكده من نجاحها، وها هو التاريخ يعيد نفسه، ويمسك المرشد مرة أخرى بشعرة المجلس العسكرى، ويغازله ويحابيه عينى عينك.
ليس لدى مانع من أن يسمك المرشد «شعرة»، ولا أمانع أيضا أن يلعب على الحبل، فهذه هى السياسة، من يخض غمارها يتلوث بغبارها، لكن ما دام ذلك كذلك، فلماذا لا يعلن المرشد أنه رجل سياسة فحسب، ويتنازل عن تلك الصبغة الدينية التى لا يحافظ على أخلاقياتها طبقا لمتطلبات السياسة؟ تساؤلى يعيدنى إلى حكاية سردها المرشد فى حديثه مع «الليثى» حيث قال، إنه دائما يضع نصب عينه واقعة حدثت إبان هجرة رسولنا الكريم للمدينة، حينما رأى فى السوق تاجرا يبيع قمحا نصفه مبلول يخفيه فى الأسفل، ونصفه جاف يضعه فى الأعلى، فاستنكر الرسول الكريم هذه الطريقة فى التجارة، معتبرا إياها غشا، ولما تعلل التاجر بأن القمح يبتل رغما عنه، فقال له الرسول لماذا لا تضع القمح المبلول فى الأعلى لكى يعرف الناس ما يشترون، وبعد أكثر من 1400 سنة من البعثة النبوية المطهرة، أرى أن السؤال الآن واجبا لسيادة المرشد العام: لماذا تضع القمح الجاف «وهو الدين» فى الأعلى، وتضع القمح المبلول وهو الحكم فى الأسفل، ولماذا لا تعلنها صريحة، أنك تريد السيادة السياسية، بدلا من أن تعلن أنك حامى حمى الإسلام فى العلن، بينما تمسك شعرة السياسة بملوثاتها فى الخفاء؟