اتسعت عيناى من الدهشة، وظننت نفسى نائما غارقا فى الأحلام، لم أصدق عينى وكذبت أذنى وأنا أستمع إلى حديث الدكتور عماد عبد الغفور، رئيس حزب النور، للإعلامى القدير حسين عبد الغنى فى برنامج «آخر النهار» بقناة النهار. حديث ذكى ومتفتح وواع من الطرفين، ولكى لا أبيع لك «سمك فى ميه» سأورد هنا بعضا من تصريحات عبد الغفور الذى اعتبر الديمقراطية نهجا لا يجرؤ أحد على تغييره، ونفى أن يكون حزبه هو مصدر المنشورات التى وصفت تكتل «الكتلة المصرية» بـ«الكتلة الصليبية»، وأبدى ترحيبه بأن يضع يده فى يد نجيب ساويرس، وأن يتعاون معه من أجل مصر، والأكثر من ذلك أنه أكد حق الأقباط فى الترشح لرئاسة الجمهورية، قائلا: المصريون جميعا متساوون فى الحقوق والواجبات، وللقبطى الحق فى أن يترشح للرئاسة، وللشعب الحق فى الاختيار!
لا تندهش فالقادم أدهش، فقد قال عبدالغفور: العقد الاجتماعى والدستور يتيح المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة إلا فى بعض فروع الأحوال الشخصية كالمواريث. وعن موقف حزبه إذا ما وصل إلى الحكم من أمريكا وإسرائيل ومعاهدة السلام معها، قال إنه سينظر أولا إلى مصلحة مصر، فإن اجتمعت القوى الوطنية على بقائها فإنه معهم، وإن رفضتها فسيرفضها، وحينما قاطعه عبدالغنى قائلا: إذن ما الفرق بينك وبين الأحزاب اليسارية والليبرالية، وأنت تدعى أن حزبك ذو مرجعية دينية؟ فقال: المرجعية الدينية تعنى أن أراعى مصلحة الشعب المصرى، وليس هناك عدو دائم، وليس هناك صديق دائم.
إذا كان بعض الإخوة السلفيين لا يعرفون معنى الليبرالية، فمن فضلكم اطلعوا على تصريحات رئيس حزب النور، فما قاله هو الليبرالية بعينها، فإن كانت الليبرالية والديمقراطية كفرا وإلحادا، فرئيس حزبكم بها أولى، وإن كانت حلالا فلا تتهموا أحدا من الليبراليين بهذه التهمة الشنعاء بعد اليوم، ولا أخفيكم سرا، فقد أزاح كلام عبد الغفور من رأسى مخالفات الحزب فى الانتخابات، وكل ما أرجوه ألا يكون عبد الغفور قال هذا الكلام للاستهلاك الإعلامى، أو لطمأنة المجتمع المحلى والدولى، وأن يكون هذا الحديث ناتجا عن قناعة شخصية وحزبية، وألا يكون ناتجا عن تخوف بعد مهاجمة الكثيرين للحزب جراء أفكار بعض المتطرفين المنتمين إليه. لكن على أى حال، فالشكر واجب لعبد الغفور على تفتحه وسماحته، وأرجو أن يقول هذا الكلام لأعضاء حزبه أيضا، وليس لكاميرات التليفزيون فحسب، كما يشجعنى حديثه على مطالبته بأن يكف عن إلصاق صفة «إسلامى» بحزبه، وألا يروّج لحزبه باعتباره الحزب الذى يريد تطبيق شرع الله، فبهذه الطريقة كل الأحزاب تريد تطبيق شرع الله، وأهلا بك فى نادى الليبرالية العظيم.