أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد الدسوقى رشدى

حضرتك عاوز لون مصر إيه؟!

الخميس، 17 فبراير 2011 12:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان صباح الثانى عشر من فبراير مختلفاً عن كل صباح.. نور شمسه غير، ونسمات الهواء التى تتطاير فى الجو غير، والابتسامات التى تعلو الوجوه غير، وزحمة المرور الصباحية خانقة ولكنها لا تدفعك للغضب، والناس فى الشوارع لا تتفادى النظر فى ملامح بعضها، بل كل واحد فينا كى يبحث عن ابتسامة على وجه الآخر لكى يقول له مبروك.. ألف مبروك..

كان صباحا مختلفا.. الكل كتب هكذا على صفحات موقع "الفيس بوك" شريك ثورتنا وراعيها الرسمى، والأغلبية تبادلوا رسائل تحمل هذا المعنى، وأنا ضبط نفسى متلبسا بتوجيه النصح لأحدهم وهو يلقى بعلبة عصير فى عرض الشارع بعد أن كنت أخشى هذا الفعل تحسبا لأى مصادمات أو لأى رد فعل ينتمى لفئة "وأنت مالك أهلك يا كابتن"..

كان صباحا مختلفا وكأن هناك شبه اتفاق بين جموع المصريين على أننا ولدنا من جديد وعلى أن مصر التى مشينا فى شوارعها صباح الثانى عشر من فبراير مصر جديدة ومختلفة تطلع للمستقبل ولا تخاف منه، وتحلم بماهو قادم دون كوابيس، وتعد أبناءها دون أن تخشى الوفاء بوعودها.

فى ليل 25 يناير ومع الجموع التى فرقتها قنابل وزارة الداخلية المسيلة للدموع ومحاولات تجميع الشتات المتفرق فى الشوارع الجانبية والإصرار على هتاف الشعب يريد إسقاط النظام والدعوة لجمعة الغضب ولدت تلك البشرى.. بشرى مصر التى نريدها ونحلم بها، وعلى مدار 18 يوماً قاتل جيل كامل طالما وصفوه بالشباب التافه والضائع من أجل تحويل تلك البشرى إلى واقع.

حدث التحول فى السادسة من مساء الحادى عشر من فبراير، أعلن مبارك تنحيه ليعلن بذلك انتصار الشعب وهزيمة النظام الذى طغى وتجبر لمدة 30 سنة، وتحصل مصر على أول ثورة شعبية حقيقية فى تاريخها، بل وعلى أكثر الثوارات شبابا فى تاريخ العالم.

تحولت البشرى إلى نصر واحتفلنا فى ميدان التحرير وامتلأت الشوارع المصرية بالفرحة.. فرحة الانتصار وفى صباح اليوم التالى وضعنا شعار الثورة جانبا ورفعا شعارا آخر يقول "نحن نبنى مصر"، فى صباح الثانى عشر من فبراير ظهرت أول بشاير مصر التى نريدها ونحلم بها، ظهرت فى شكل استخدام مصطلح الرئيس السابق أو المخلوع لأول مرة، وفى هؤلاء الشباب المسئول الذى مسح وكنس أرض التحرير ونظفها أفضل مما كانت تفعل شركات النظافة الأجنبية التى تعاقدت معها الحكومات الفاسدة من قبل.

مصر التى نريدها والرئيس الذى نتمناه.. هذا ما كنا نبحث عنه فى الأيام الثمانية عشر التى مرت علينا منذ 25 يناير، كنا نبحث عن مصر نملكها نحن أبناء الشعب وليس رجال السلطة والمال، عن مصر نسير فى شوارعها دون أن يظهر ضابط ليلقى علينا ما لديه من رخامة وتسلط بدعم قانون الطوارئ، عن مصر لا تعرف الواسطة ولا الرشوة ولا ينتحر شبابها خشية الفقر والضياع، أو لأن أحدهم استبعدوه من الوظيفة لأن والده بواب، عن مصر لا تعرف آلاف الأسرة النائمة بدون عشاء، وآلاف الشباب بلا عمل، وآلاف البنات بلا زواج.

كنا نبحث عن مصر لا تعرف أقسام الشرطة فيها طعم التعذيب أو إهانة الكرامة، عن مصر لا يفتح فيها الموظفون الأدراج إلا للاحتفاظ بالمستندات الرسمية، ولا يعرف فيها جيب أمين الشرطة أو يده طعم العشرين جنيه المكرمشة، ولا يعرف فيها الطلبة والتلاميذ معنى التعليم الفاسد، ولا يسقط فيها الأطفال والشباب ضحية إعلام مضلل ومرتبك.

نحن نريد مصر مدنية تملك دفتر الديمقراطية كاملا وليس مجر هامش كما كان يسمح لها النظام السابق، نريد أن تمر الخمس سنوات تلو الآخر ونحن نرى وجوها أخرى تتصدر صفحات الصحف الأولى بدلا من وجه واحد ظل يطاردنا لمدة 30 عاما، ونريد مسئولين يعرفون أن منصة القضاء ستكون فى انتظار كل فاسد فيهم، ونريد انتخابات نزيهة وصناديق شفافة بجد مش مجرد زجاج، ونريد برلمانا قويا ونوابا محترمين مش بتوع قروض أو هاربين من التجنيد، أو ربات منزل أدخلتهم الكوتة للمجلس إرضاءا للسيدة التى كانت أولى.

نحن نريد مصر بها أحزاب قوية وليس مجرد أكشاك تبيع الوهم ويعمل رؤسائها عند أجهزة الأمن، نريد أحزاباً تنافس على السلطة وليس مجرد مقار خاوية تصدر جرائد وصحف للإبتزاز، أحزاب قادرة على استيعاب الشباب وخلق جيل من القيادات القادرة على إدارة شئون الوطن ومواجهة من يرى فى نفسه القدرة على سرقة الوطن.

نحن نريد مصر لا تصنفها منظمة الشفافية الدولية فى المركز الـ115 من بين 180 دولة فقط، مصر تمر فيها الدقائق والساعات والأيام والشهور دون قضية فساد وليست مصر التى كان كل دقيقة فيها شاهدة على ميلاد قضية فساد جديدة، نريد مصر قادرة على منع رجال السلطة والمال من سرقة أراضيها سواء بالتخصيص أو المزادات المشبوهة، ونريد مصر قادرة على توفير الرعاية الصحية لمواطنيها بدلا من مصر مبارك التى كانت تنفق على الرعاية الصحية 1% من الناتج القومى فى الوقت الذى كانت فيه دول العالم الصغيرة تنفق مايزيد عن 7%، ونريد مصر بلا فواكه أو خضروات ترويها مياه الصرف الصحى، ولا طعام مسرطن.

نحن نريد مصر بدون ابن رئيس يمكن أن تزوره فكرة التوريث فى الحلم، نريد مصر لا يقول أحد فيها للآخر "أنت متعرفش أنا ابن مين"، نريد مصر تكون الشرطة فيها فى خدمة الشعب بجد، ويكون الإعلام فيها وسيلة تنوير لا تضليل، ونريد شوارع بلا هبوطات أرضية وانتخابات بلا وعود لا تتحقق.

نحن نريد مصر ديمقراطية أرضا لحرية الرأى والتعبير تحتضن أبنائها ولا تأكلهم، تتزين ميادينها بالزهور لا بصور الرئيس، يولد الطفل فيها وهو يعرف شكل مستقبله ويطمئن لما هو قادم عليه من سنوات.

وغدا نبحث رغباتكم فى مقاس الرئيس الجديد ولونه بالمرة..








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة