محمد الدسوقى رشدى

نص أول خطاب للرئيس القادم

الجمعة، 18 فبراير 2011 12:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بالأمس حدثتكم عن مصر التى نريدها، أما الرئيس الذى نتمناه.. فلا شىء سوى أن يكون رجلاً قادراً على الاستيعاب حتى يكون أدرك ما حدث فى 25 يناير واستوعب الدرس جيداً وأيقن أن الكلمة الأولى فى هذا البلد للشعب وليس للجالس على كرسى السلطة، لا نريد أيمن نور ولا محمد البرادعى ولا أى من هؤلاء الذين قفزوا فوق موجة الثورة بعدما ظلوا سنوات صاميتن بحجة أن قطة السلطة ستأكل ألسنتهم إن ظهرت للاعتراض، لا نريد واحداً من هؤلاء الأفاقين الذين تذكروا فجأة أن لمصر رئيساً فاسداً بعد سنوات عاشوا فيها نعم القرب والتكريم من قبل هذا النظام دون أن يرفضوا أو يعتذروا.

نتمناه رئيساً مدنياً سار فى شوارع هذا البلد وأكل من عربيات الفول، وركب الأتوبيسات، يعشق الخدمة والتكليف لا المواكب ولا الحفلات، نتمناه رئيسا يرفض نفاق أهل الطرب حينما يغنون باسمه ويجعل الغناء للوطن وليس لاسمه.

نتمناه رئيساً راجل قادر على تنفيذ ما يعد به، وقادر على أن يحلم، وينشر أحلامه بين صفوف الجماهير، نتمناه رئيسا لا يسير فى الشوارع بمواكب الخوف، ولا يحتض رؤساء وزراء إسرائيل حينما يقابلهم كفاية أوى يسلم عليهم باليد، ولا يسامح أبداً إن وجهه أحدهم فى الخارج إهانة لمصر أو لأى مصرى.

نتمناه رئيساً يظهر لنا فى المرة الأولى وهو يلقى علينا خطاباًَ قد يكون نصه كالتالى:
بسم الله.. باسم الوطن.. باسم الشعب
باسم إرادتكم القوية وباسم تاريخ مصر العظيم أبدأ معكم عهد خدمتكم بالسلام عليكم ورحمته الله وبركاته والسلام على مصر حاضراً ومستقبلاً وإلى يوم الدين..

أبناء مصر إنه لشرف عظيم أن أقف أمامكم خادماً لأبناء هذا الشعب ولهذا الوطن العريق، داعيا الله أن يسدد خطاى ويوفقنا جميعاً إلى ما فيه مصلحة وطننا الغالى مصر..

أبناء مصر لقد مضى عهد بحلوه ومره وهانحن نبدأ معا مسيرة جديدة خالصة لوجه هذا الوطن لا غش فيها ولا تزييف، لا خوف فيها ولا تكميم أفواه، هانحن نبدأ معا عهدا جديدا وكلنا ندرك أننا لهذا الوطن خدم مخلصون..

أبناء مصر أنا أكره الظلم ولا أقبل أن يظلم أحد، والذى يخطئ أو يهمل فيجب أن يقال له أولاً أنه أخطأ وأهمل ثم يبعد بعد ذلك حتى لا يحس أن ظلما وقع عليه أو أنه لم تعط له الفرصة ليدافع عن نفسه منذ أن بدأت عملى، ومنذ أن أصبحت مسئولا عن أول موقع خدمت فيه وأنا أتبع هذا الأسلوب فى علاقات العمل لا أستمع إلى وشاية ولا أحكم قبل أن أعرف الحقيقة كاملة ولا أستبعد شخصاً إلا إذا سمعت دفاعه عن نفسه أولا لقد التزمت بهذا الأسلوب حتى يومنا هذا ولن أغيره أبدا فلا شىء يؤلم النفس أكثر من الظلم.

أبناء مصر لابد أن نطبق القوانين بحذافيرها.. ولن نتهاون مع أى مخطئ، ولن نتسامح مع أى ضرب من ضروب التسيب والانحراف، ولن ندع أى متاجر بقوت الشعب يفلت من الملاحقة والعقاب ولن يكون للمحسوبية أى مكان، وقد أكدت فى حديثى مع الوزراء والمحافظين أن المواطنين أمام القانون سواء.. فلا قريب ولا صديق، ولا أخ يمكن أن تشفع له قرابته أو صداقته لأى شخص أن يتجاوز القانون وكل من يمارس أى نوع من أنواع المحسوبية سيحاسب حسابا شديدا، سيطبق القانون بغير تمييز، وستتم مكافحة ظواهر الرشوة وفساد الجهاز الحكومى، ونحن لا نخاف من أحد وليتأكد كل المواطنين أن سياستنا المحددة والقاطعة هى أن كل المواطنين أمام القانون سواء.

لقد تعودت طوال حياتى أن أكون على صلة بالشعب سواء من أعرفهم أو لا أعرفهم، وإذا ما طلب أى شخص مقابلتى ليشكو من شىء أو ليقول شيئا، فإننى أنصت إليه، هذا هو ما تعودته منذ وقت طويل، وإذا ما أصغيت إلى مستشارى فأنا أتقبل أى نقد ولا أثور أو أغضب أبدا لأى نقد لأننى إذا ما لم أستمع للنقد من المستشارين فإنى سأسمعه من مكان آخر، ربما من وسائل الإعلام الأجنبية، ولذلك أفضل الاستماع لكل نوع من النقد من جانب أى فرد هنا، ومعرفة ما إذا كان صحيحاً أم خطأ، وأيضاً معرفة ما إذا كنت أنا على صواب أم خطأ لتصحيح أسلوبى.

أبناء مصر إخوانى وأهلى.. أعلنها بوضوح: لن يكون هناك مداراة على أى لون من ألوان الانحراف مهما كان بسيطا، لأن الأمور تتفاقم بالمداراة أو السكوت، وسنسائل كل من يخطئ فى حق بلاده مهما كان موقعه، من ناحيتى فإننى أقول أيضا بكل الوضوح: لا ينبغى لأحد أن يأخذ أكثر مما يستحق، لأنه إذا كان أخذ كل حقه وفى حدود ما زاده سوف يسلم الوطن من أمراض عديدة، أهمها النفاق، من ناحيتى أقول أيضاً: لن أقبل الوساطة، وسوف أطاردها فى كل موقع، لأن الوساطة إهدار لتكافؤ الفرص الذى الذى ينبغى أن نلزم أنفسنا به كمبدأ أصيل.

إننا ندرس الآن إمكانية أن نزيد من الدور الرقابى لمجلس الشعب وأن تكون هناك لجان مساءلة وتحقيق وتقص للوقائع حتى يتوازن عمل المجلس كجهاز رقابة مع عمله كجهاز تشريع باسم الشعب، كما أن هناك أفكارا أخرى عديدة نبحثها ولكن عملنا كله سوف يكون فى إطار من احترام الدستور والقانون سوف نفعل كل ما نستطيع حتى نزيد من فاعلية مؤسساتنا ولن نأخذ أحدا بالشبهات وإنما بالحق وحده لقد تكلمت مع المحافظين فى هذا المجال، سوف يكون لكل محافظ سلطاته واختصاصاته الكاملة التى تمكنه من مواجهة التسيب والانحراف فى نطاق محافظته.

أبناء مصر سوف نشدد بعض العقوبات على بعض الجرائم، خصوصا جرائم الإهمال الجسيم والعبث بالمال العام وسوف يكون حرصنا الأول على أن يتم تطبيق القانون والإجراءات على الجميع دون تهاون لأننى أعتقد كما قلت مرة قبل ذلك، أن لدينا من القوانين ما يكفى لردع عديد من صور الانحراف والتسيب، ولكن المشكلة أن إعمال هذه القوانين لم يكن يتم بصورة مرضية.

اتجاهنا هو إعطاء دفعة بالغة القوة للحكم المحلى، وطالبت الوزراء كل فى مجاله باتخاذ الإجراءات اللازمة بناء على الدراسات العلمية الدقيقة لتيسير تقديم الخدمات إلى المواطنين، واختصار الإجراءات الروتينية، بناء على التقسيم العلمى للعمل الذى نجح فى قطاعات عديدة فى الدولة فى تقديم الخدمة لمواطنين من أيسر سبيل.

أبناء مصر هالتنى المسئولية الضخمة التى تنتظرنى ولم يكن هذا خوفاً من تحمل المسئولية وإنما لأننى أدرى بما سيقابلنى من مشاكل ومن تصرفات لا أقبلها ولا أوافق عليها، كنت على علم بالشللية وبالتجاوزات الخطيرة التى يرتكبها البعض وكنت أتوقع الصدام مع هذا البعض فى أقرب فرصة.

إخوانى فى الوطن قد لا يعرف الكثيرون أننى لا أحب المناصب الكبيرة فمن رأيى أن المنصب الكبير يعنى المسئولية الكبيرة وأنا رجل أتحمل المسئولية كاملة ولا أتخلى عنها أو أتركها لغيرى عندما أتولى مهمة ما فإننى أعيشها بكل تفاصيلها وبكل دقائقها ولا أشغل نفسى بشىء سواه ليس هذا فقط بل إننى لا أحب التنقل بين المواقع والمناصب المتعددة ولا أحب أن أنقل اليوم إلى مكان ثم أتركه غدا إلى مكان آخر.وأنا بطبعى أكره استغلال علاقات النسب، قريب لى أنا كان يدرس فى الكلية وأشهد أن قريبى هذا لم يكن يسمح له بالخروج من الكلية فى الإجازات، فقد كنت أتعمد أن أحرمه من الإجازة وأبقيه محبوسا فى الكلية عند ارتكابه أبسط خطأ وحتى أجعل منه عبرة لغيره فلا شىء يثير غضبى أكثر من محاولة البعض استغلال علاقة النسب أو القرب بمسئول للحصول على ما لا حق له فيه.

أبناء مصر الواقع أن حالة الطوارئ كان الهدف منها هو تحقيق أمن المواطنين وأمن البلد، ولن نستخدم هذا القانون إطلاقا لأهداف سياسية أو لأى أهداف أخرى لقد كان إعلان حالة الطوارئ ضرورة لتحقيق الاستقرار ومواجهة الشغب والإرهاب، ولن نتهاون أبدا فى تطبيق القانون، ونحن لا نريد تطبيق قانون الطوارئ، فنحن نريد أن تعود الحياة الطبيعية، ونبدأ فى معالجة المشكلات التى أمامنا من خلال الحوار مع أحزابنا السياسية.

هكذا كنت وسأظل دائماً.. إننى أقبل العمل مع أى إنسان ولا أختار من يعاوننى نتيجة لرأى شخصى وإنما استنادا لما يمكن أن يقدمه ويعمله، فالعمل يأتى فى الدرجة الأولى كشرط لمن يساعدنى ويتعاون معى والذى يؤدى واجباته بإخلاص ذاتى أرحب به دائما، أما الذى لا يعمل أو يهمل فلا مكان له جانبى أبدا.

إخوانى أنا لست من هؤلاء الذين ينشدون الرفاهية ولا من هؤلاء الذين يحبونها، وحتى من قبل أن أكون نائبا لرئيس الجمهورية كان تحت يدى وفى نطاق تصرفاتى حسابات بالملايين، حسابات ما كان أحد يمكن أن يعرف عنها شيئا، وطوال حياتى وحتى من قبل أن أدخل العمل العام لم أكره شيئا قدر الذين يمدون يدهم إلى مال الغير، وقدر المنافقين الذين يزينون طريق الخطأ للآخرين، ماذا يعنى أن يكون لدى مليون جنيه أو أكثر أو أقل بينما يفتقد الضمير الصدق مع الله والصدق مع الوطن والصدق مع النفس، أى إضافة يمكن أن تضيفها إلى هذه الملايين؟ لن أرتدى غير ما أستهلكه اليوم، ولن يكون لى غير بيتى وأولادى وحياتى الخاصة التى أحب أن تكون دائما ملكا لى، لا ملك الآخرين.

هل أبنى قصرا؟ لست من هواة القصور، أقول لك صدقا: ربما كان الأكثر راحة لنفسى أن تكون حياتى الخاصة مثلما كانت، حتى قبل أن أكون نائبا للزعيم الراحل، كنت أود أن أبقى فى نفس المسكن، وفى نطاق حياتى السابقة، وعندما انتقلت إلى قصر العروبة لم أطق أن أعيش فيه 3 أشهر متصلة، بالبلدى كان العصبى يركبنى فى هذا القصر حتى رحلت عنه إلى مسكنى هذا، مع أن القصر لم يكن أكثر من 3 حجرات للنوم فى طابقه العلوى، أما طابقه الأرضى فقد كان يضم الصالون وحجرة المعيشة وحجرة المكتب وحجرة مائدة كبيرة لم أدخلها، لم آكل فيها سوى مرة واحدة عندما دعوت نائبا لرئيس إحدى الدول على مائدة عشاء، ومع ذلك كله فإننى أكرر مرة أخرى أننى لن أرحم أحدا يمد يده حتى ولو كان أقرب الأقرباء إلى نفسى، لأن مصر ليست ضيعة لحاكمها، كنت أنا هذا الحاكم أو كان غيرى، مصر ملك للذين يعرقون من أبنائها، للذين يعملون بأمانة وشرف وحسن سريرة، هؤلاء تواقون إلى أن يروا القائمين على أمرها أطهار المسلك أطهار اليد، مرة أخرى لن أرحم أحدا وليس هناك ما يدفعنى إلى أى تهاون فى هذا المجال..

والله الموفق والمستعان.. والسلام عليكم وعلى مصر وطنا يعيش فينا ونعيش فيه، سعيا خلف استقراره ورخائه وتقدمه)

هذا هو نص الخطاب الأول الذى نريده من الرئيس القادم أيا كان اسمه، سواء كان عمرو موسى أو حتى أصغر شاب شارك فى ثورة 25 يناير، هذا هو الخطاب الذى نريده من الرئيس الذى نتمناه.. هل تختلف عليه؟ هل يوجد كلام أفضل من ذلك لكى يقال؟!

طبعا لا.. ولكنى دعنى أصدمك وأقول لك أن هذا الخطاب وحده لا يكفى لكى نقول أن هذا هو الرئيس الذى نتمناه فنحن نريد رئيساً يفعل ولا يكتفى بالتصاريح والوعود الوردية، دعنى أصدمك أكثر وأكثر حتى تكون لا تتوقف يوما عن الضغط على الرئيس الجديد إذا قرأ على مسامعك خطابا مثل هذا لأن كلام الخطابات كثيرا مايكون مدهون بزبدة، دعنى أصدمك وأخبرك أن 90% من الكلام الوارد فى هذا الخطاب عبارة عن عدة تصريحات وردت على لسان الرئيس المخلوع حسنى مبارك فى السنة الأولى لتعيينه رئيسا للجمهورية، نعم هكذا كان يتكلم مبارك وهكذا كان يعد وهكذا رحل بعد 30 سنة دون أن يحقق شيئا صغيرا مما وعد به..

لماذا أعدت نشر الكلام ولم أكتب صيغة جديدة للخطاب الرئاسى الذى نتمناه؟.. دعنى أقول لك أن السبب فى تلك الفعلة هو الرغبة فى إيضاح الصورة التى تقول بأن صمتنا على مبارك ونظامه، وصبرنا على الوعود التى لم تنفذ وتقبلنا للمزيد من التصريحات الوردية هو الذى حوله من مجرد رئيس إلى إله يطغى ويتكبر ولا يستمع، ولهذا فليأتى من يشاء رئيسا لجمهورية مصر العربية طالما نحن قد قررنا ألا نصمت، طالما نحن تعلمنا الدرس وقررنا ألا نكتفى بالتصفيق على الخطابات، فليأتى من يشاء ويجلس على كرسى الرئاسة طالما أصبحت نعرف طريق خلعه وإذلاله إن هو فكر فى إذلالنا بدلا من خدمتنا وخدمة هذا الوطن.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة