أكرم القصاص

القذافى.. رقصة الديكتاتور الأخيرة

الأحد، 20 فبراير 2011 11:59 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أحد يتعلم من دروس التاريخ، قاعدة تؤكدها ظهور الديكتاتوريات التى لا يتعلم منهم أحد. فقد سقط زين العابدين بن على فى تونس مع أنه كان على رأس دولة يحكمها الأمن. واتضح ضعف الدولة أمام مسيرة الحرية للثوار. وكشفت الثورة أن الديكتاتور بالرغم من أنه يبدو متجبراً إلا أنه يكون هشاً وضعيفاً لأنه يقضى على مؤسسات الدولة ما عدا الأمن ليكتشف بعد فوات الأوان أنه حطم أدواته ونفسه.

لم يستوعب نظام حسنى مبارك فى مصر رسائل تونس، لأن المتسلطين لا يستفيدون من دروس التاريخ. ربما لأنهم لا يقنعون بالتاريخ إلا عندما يفاجئهم. لم يستوعب مبارك الدرس وظل يستند إلى أجهزة آمنة التى سقطت أمام صوت الجماهير الهادر. وأخيراً خرج مبارك. ولا نظن الرئيس الجزائرى بوتفليقة أو اليمنى على عبد الله صالح أو العقيد الليبى معمر القذافى استوعبوا ما جرى، وكل منهم يقول طالما بعيد عن دولتى خلاص. وتشتعل نيران الغضب فى البلاد يستدعى قوات الأمن ليطلقها على الأحرار، ويقول طالما بعيد عن قصرى خلاص. يظل الديكتاتور غائباً منعزلاً حتى تتساقط قلاعه وتخونه مؤسساته التى خربها. يحاول استخدام آخر حيل السحر، دروس ميكافيلى، يقيل حكومته، أو يطارد وزير داخليته، ليخرج نقيا. لكن ألاعيب ميكافيلى تفشل فى اللحظات الأخير التى تكون لحظات مروعة.

يكون الواحد منهم قطع كل شعرات معاوية. يجد الديكتاتور نفسه وحيداً يحاول لعب الدور الأخير وإلقاء خطابات عاطفية مثل فهمتكم أو حكمتكم، أو أخلصت لكم، وأريد أن أموت بينكم، يقولها ودماء الشهداء على يديه تتكلم.. يرفض الشعب خطاباته.. يضطر لترك الحكم هرباً أو تنحياً ويخرج ذليلاً.. وهو الذى انعزل فى حبروت هش.

سنة الحياة.. لكنها تبدو بعيدة لأن الديكتاتور لا يعرف السنن ويعتبر وجوده فرضاً، لا تشرق الشمس بدونه.. وأن الحياة من غيره فوضى، ولما يكتشف ضعف نظامه وهشاشته يرى أن الحياة بدونه أيسر وأكثر سهولة.
لم يستوعب مبارك درس تونس ولا اقلقه سقوط بن على، ولا يبدو بوتفليقة أو على صالح، أما القذافى فإنه لا يزال يعيش فى عزلة التجبر، جرب فى شعبه كل تجارب التسلط، اخترع نظريات بدائية، وأطاح ثروة ضخمة كانت كفيلة بإقامة دولة متقدمة.

الآن تجاوز القذافى إطلاق الشرطة، إلى استخدام كل أدوات القتل من مدافع وار بى جى، لم تثن الشعب عن طلب الحرية. عشرات الآلاف فى الشوارع، فى مواجهة آلة القتل الجهنمية التى تولد كل يوم غضباً وثاراً. لم يكفه 41 عاماً، ولا يزال يطمع فى المزيد.. لم يستوعب الدرس بعد، لكنه قطعا سيتعلمه بعد فوات الأوان.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة