الموقف الذى اتخذه الإعلامى حافظ المرازى تجاه قناة العربية يكشف الكثير من آليات عمل هذه القنوات، التى تنتقد أوضاع الحريات بشراسة فى مصر، فى حين أنها لا تقترب من الدول التى تمولها إلا بالمدح الرخيص.
الحكاية أن المرازى كان قد أعد حلقة فى برنامجه "استوديو القاهرة" عن تأثير ما حدث فى مصر على الأوضاع فى السعودية، وقال فى الحلقة التى قبلها على الهواء مباشرة: "الآن وقد تحرر الإعلام المصرى فإن أى زميل يتحدث عن الأوضاع فى مصر، يجب أن يتمكن من الحديث أيضا عن الأوضاع السياسية فى قطر على قناة الجزيرة أو عن الأوضاع فى السعودية على قناة العربية". رأى محترم، أضاف عليه فى ذات الحلقة انتقاداً حاداً لتغطية الإعلام السعودى للثورة التى أطاحت بالرئيس حسنى مبارك فى مصر. وتساءل: "هل تجرؤ الصحف السعودية أن تقول كلمة على الملك عبد الله أو على النظام السعودى".
بالطبع لم تذاع الحلقة التى أعدها المرازى حتى الآن، بل وتوقف برنامجه وأشاعوا أخباراً نشرتها عدة مواقع إلكترونية بأن الوليد بن إبراهيم، رئيس مجلس إدارة مجموعة "إم بى سى" المالكة لقناة "العربية"، أصدر قراراً عاجلاً بإعفاء المرازى من العمل فى القناة. المرازى قال إنه لم يصله قرار معلن، وقال أيضاً أنه مصمم على موقفه، فإذا أذاعت "العربية" حلقته عن السعودية، فستكون فعلاً قناة مستقلة، وإذا لم تفعل فلن يعود إلى العمل.
يمكننى تفهم أن أى وسيط إعلامى من الطبيعى أن يعبر عن مصالح مُلاكه، ولكن مع الحفاظ على حد أدنى من أخلاق مهنة الصحافة، احتراماً للمشاهدين. ففى قناة الجزيرة، ينتهكون أبسط قواعد المهنة، ويصل الأمر مع دولة مثل مصر إلى درجة التحريض و"الشرشحة"، ونشر شائعات دون التوثق منها صحفياً، فى حين أنهم لا يقتربون من أمير قطر ودولته.
أتذكر كيف كنت أشعر بالمرارة عندما كنت فى مهمة عمل فى سوريا أثناء العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة، وكيف كان يتم التحريض غير المهنى من مذيعى الجزيرة ضد الدولة المصرية، وليس ضد نظام الحكم فقط، لأن له تحالفات مع "العدو الصهيونى الأمريكى"، ولا يتذكر القائمون على القناة وضيوفهم من المعارضين المصريين أن قطر لها علاقات قوية بهذا العدو الصهيونى، والعدو الأمريكى له أكبر قاعدة عسكرية بالمنطقة فى قطر. ربما لن تتغير قناة "العربية" بما فعله الزميل المحترم المرازى، ولن تتغير الجزيرة وحُكامها، ولكننا هنا فى مصر نحتاج إلى قناة غير حكومية تستطيع أن تناقش بحرية الأوضاع المصرية، وتناقش باحترام كوارث قطر والسعودية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة