"أمرت الجيش بالقضاء على الجرذان"
هكذا رأى العقيد معمر القذافى الشعب الليبى الذى ثار ضده، وهكذا يرى دم الشهداء الذين سقطوا بترسانته العسكرية، وهكذا أضاف كلاما تافها إلى قاموسه السياسى التافه.
لم يلجأ القذافى إلى استعطاف شعبه كما فعل زين العابدين ومحمد حسنى مبارك، وإنما تعامل مع الثورة ضده باستعلاء شديد وكأن لا شىء يحدث حوله، قال إنه لو كان رئيسًا لرمى باستقالته فى وجه ثورة الليبيين، والسؤال ما هى وظيفته الحقيقية طالما هو لا يرى فى نفسه رئيسا؟
قبل ما يقرب من نحو عشر سنوات تقريبًا سافر وفد من الصحفيين المصريين إلى ليبيا بدعوة، وذلك على خلفية نشر خبر فى الصحف عن محاولة اغتيال للقذافى، وكان مقصد الزيارة هو الاطمئنان على العقيد وأنه بخير، وبعد عودة الوفد الصحفى إلى مصر حكى لى أحد الأصدقاء الذين شاركوا فيه، أنهم ذهبوا إلى حيث يقيم العقيد ولا أتذكر الآن أين كان، فوجدوه ملقى على السرير، ومن خلال وضعه هذا تحدث أمام زحام الصحفيين المصريين وغير المصريين، وأهم ما قاله أنه صاحب رسالة، وأنه يلقى مصير أصحاب الرسالات.
هكذا رأى القذافى نفسه فى سنوات حكمه، ومن خلال هذه الرؤية وضع نفسه فى خانة من يعطون للإنسانية روحًا وفكرًا وعملا وتقوى، لكنه فى الحقيقة لم يعط شيئًا له قيمة فى أى من هذه المجالات، وظل فقط ينظر إلى نفسه على أنه المعجب بها، وطالما هو كذلك فعلى الآخرين أن يتقبلوه بنفس الإعجاب، لأنهم أقل منه فى كل شىء.
لم يكن القذافى صاحب رسالة فى يوم ما، بل فعل كل ما هو ضد أصحاب الرسالات، وجاء توصيفه لثوار ليبيا بأنهم:"جرذان" نموذجًا فاضحًا لذلك، فالرجل تعود ألا يقول له أحد لا، وظل يسمع صوته فقط، ولم يفهم أن الإنسانية خلدت أصحاب الرسالات ليس لتأثيرهم فى أتباعهم وفقط، وإنما لحلمهم وسماحتهم مع معارضيهم، وليس لتوجيه النيران فى صدورهم كما يفعل هو الآن مع الشعب الليبى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة