سيدى وزير الداخلية الجديد أعرف أن المهمة ثقيلة أمامك بعد أن توقف الزمن فى مصر على لحظة عصيبة ودقيقة، كما كان يفضل الرئيس السابق أن يصفها، لذا من دافع ضميرى الإنسانى ومسئوليتى الأخلاقية أتوجه إليك بهذا الكلام، فلا تغضب منى واعتبرنى شابا من نتاج الثورة أخذته الحماسة، وأراد أن يثبت لنفسه أن سقف حرية التعبير فى بلده أصبح أعلى من برج القاهرة بمناسبة أن كل من كان يتجاوز السقف فى العهد الماضى كان مصيره الجلوس على هذا البرج، لكن لنجرب قليلاً.
هل تعلم يا سيادة اللواء أننى مؤمن جدا بنداءات التسامح والمغفرة وضرورة أن ننسى أحقاد الماضى وتعود العلاقة بين المواطن والشرطة لأحسن ما كانت عليه، كما أحترم جدا المبادرات التى انطلقت تدعو لتنظيم مليونية بميدان التحرير تشارك بها الشرطة وتلتحم بالجماهير، كلها نوايا حسنة، لكن كيف تضمن لى ذلك وأنت خرجت علينا فى حوار تليفزيونى لتقول أن أياد خارجية اندست بين المتظاهرين فى مظاهرات الغضب هى التى دفعت الشرطة للتعامل بقسوة معهم، هل تستطيع أن تقنعنى بأن هؤلاء الذين ماتوا دهسا تحت عجلات سياراتكم المدرعة كانوا انتحاريين أجانب أرادوا نيل الشهادة على أسفلت مصر، أم أنكم كنتم تعرفون أن القنابل المسيلة للدموع والمياه الكبريتية والرصاص المطاطى تعرف طريقها جيدا بين المتظاهرين لتؤذى تلك العناصر الأجنبية، هل تعرف أن تلك التفسيرات البالية مضى عهدها وأننا أصبحنا لا نصدقها، فكيف تريدنا أن نتسامح وأنت تتحدث بنفس المصطلحات والأفكار؟.
هل تعرف يا سيادة اللواء أننى وكثير غيرى مازلنا نشاهد أفراداً من أمن الدولة ينظمون الاحتجاجات الفئوية والمظاهرات التى تؤيد الرئيس السابق، ويرسلون رسائل للعمال أصحاب المطالب يدعونهم للخروج والمطالبة بحقوقهم فى هوجة الثورة، وهل تعلم أيضا أن أكبر مخاوف المتطلعين لمستقبل أفضل لهذا البلد هو أن يظل هذا الجهاز يعمل تحت الجلد، ويندس فى كل اجتماع، ويتلصص على كل محادثة بين امرأة وزوجها، ويبتز كل صاحب مظلمة.
سيدى اللواء أعرف جيدا أن ما حدث يصعب عليكم تصديقه، ولكنه حدث وهو واقع لا يستطيع أحد أن يغيره، حتى ولو تحالفت كل القوى الإعلامية لتلميع صورة وزارة الداخلية، فها هى الثورة نجحت وليس أمامكم سوى أن تبدءوا بإصلاح أنفسكم أولا قبل أن تطالبونا بالسماح، وعليكم أن تكونوا أكثر شفافية وصدقا قبل أن تقنعونا بالاطمئنان إليكم، ومن هذا المنطلق تصبح كل البيانات الصادرة من وزارتكم الكريمة تحت مسمى مصدر أمنى رفض ذكر اسمه، بلا قيمة ونوعا من الهراء.