أول طريق الإيمان بثورة 25 يناير هو ألا تنافق ثورة 25 يناير..
ألم تدعو تلك الثورة فى الأساس وقبل دعوتها لرحيل مبارك إلى تطهير النفس من الفساد والنفاق وغيرها من الخصال غير الحميدة التى زرعها نظام الرئيس المخلوع فى نفوسنا، حتى يضمن بقاءً طويلاً امتد بفضل الخضوع والنفاق والجبن والخوف إلى 30 سنة من القمع والقهر.
لا نجاح للثورة إذا انتقلنا من نفاق مبارك ورجاله إلى نفاق الثورة وشبابها، إذا لم نصرخ لنقول لأعور الثورة أنه أعور فى عينه، وللمخطئين عن غباء أو قلة حيلة أنهم لا يصلحون للتحدث باسمنا أو الظهور للجماهير تحت رايتنا.
لا نجاح للثورة إذا لم نعترف أن قوائم شهدائها بحاجة إلى مراجعة لكى يدخلها من يستحق، ويخرج من بينها من لم يقدم شيئا مقابل الحصول على هذا الشرف، لا نجاح للثورة إذا لم نعترف بأن أغلب الذين خرجوا يتحدثون باسمها وينظرون لها إما عاجزون عن التعبير أو الفهم أو التنظير أو الدفاع عنها، وإما أشخاص يحملون نفس أمراض النظام السابق القائمة على الاستبعاد والتفرد بالرأى وسذاجة الرد والتعقيب والتسلح باتهامات العمالة والتخوين.
منذ الأيام الأولى ظهرت مجموعة من الأسماء تنتمى لتلك النوعية وطغت على الفضائيات وأخذت تهتف وتجيب على الأسئلة بشعارات دون إبداء وجهة نظر أو تحليل يصنع جسر ثقة بينهم وبين المشاهدين، ومرت الأيام وظلت نفس الوجوه تحتل صدارة المشهد التلفازى بحكم قربها من الوسط الإعلامى الذى نعلم جميعا أن رجاله يستسهلون ويأتون بأول شخص يظهر رقم هاتفه على شاشة الموبايل، بغض النظر عن دوره وتأثيره، وقتها حل الصمت علينا ونحن نسمع ردوداً طفولية وإجابات ساذجة على أسئلة كانت سهلة وبسيطة، وقلنا دعوا غربال الثورة ينقى أفراده ويبقى لنا على عقول قادرة على أن ترسم صورة المستقبل، ولكن خيوط الغربال لم تكن مشدودة بالقدر الذى يمنع تلك الشوائب من الظهور، وبدأنا نسمع عن آراء وتحليلات وإجابات أقل ما توصف به أنها من النوع الذى يلقيك على قفاك من كثرة الضحك إذا اعتبرنا أن شر البلية هو ما يضحك، هذا لا يعنى أن بعض الشاشات قدمت لنا ضيوفاً حازوا على ثقة الناس واحترامهم مثل محمد دياب ومصطفى النجار وعمرو سلامة وزياد العليمى وغيرهم.
ولكنى دعنى أذكرك بمثال لذلك الشاب الهادئ "شادى الغزالى حرب"، الذى يدفعنى إصراره على تكرار نفس الجمل المحفوظة بتلك الابتسامة الهادئة فى كل اللقاءات التى شاهدتها لأن أطالبه بأن يكف على الظهور والتحدث باسم الشعب ومتظاهرى 25 يناير باعتبارى واحداً من الاثنين، راجع أداء شادى خلال حلقة العاشرة مساء التى استضافت فيها منى الشاذلى بعض أعضاء المجلس العسكرى وهو معهم باعتباره ممثلا لشباب الثورة، وركز كثيرا مع تلك النقطة التى طالب فيها السيد شادى برحيل أحمد شفيق، مبرراً طلبه بحجة طفولية تقول إن الرجل حلف اليمين أمام الرئيس المخلوع، ولهذا لا بد أن يرحل، وهو المبرر الذى أثار شفقة أحد رجال المجلس العسكرى فرد قائلا: إذا كان هذا سببك فأنا أيضا حلفت اليمين أمام الرئيس السابق فهل تطالب برحيلى أيضا؟!، فحل الصمت على السيد شادى وابتسم ولم يعقب، ولولا أن الرجل العسكرى كان شديد الاحترام لأخبر شادى بأن عمه السيد أسامة الغزالى حرب، حصل على ترخيص حزبه من نظام الرئيس السابق الذى لم يكن يمنح تراخيص حزبية سوى للمخبرين وعملاء النظام، وبالتالى كان الأولى بشادى أن يرحل عن الحزب ويطالب بحل عمه بحل الحزب كما يطالب بحل وزارة شفيق.
لم يبرر شادى طلبه بأن لشفيق ملفات فساد واضحة فى وزارته السابقة، ولم يقتطع جملاً سخيفة من تصريحات رئيس الوزراء الوردية ليدلل بها على ضعفه، ولم يذكر أحداً بالوعود التى خلفها رئيس الوزراء رغم فترة رئاسته القصيرة، ولم يطالب برحيله لأنه فشل فى اختيار وزراء مجلسه بشكل يرضى الشعب أو يعبر عن طموحات الناس، فقط تمسك بتلك الحجة الشكلية، ولم ينجح فى الدفاع عنها أمام عضو المجلس العسكرى، الذى رد على سؤاله الغريب الآخر حول تأخر الجيش فى إنشاء نصب تذكارى للشهداء، بسؤال آخر لشادى هو: وهل تعرف بعد كام سنة أقامت القوات المسلحة أول نصب تذكارى لشهداء أكتوبر؟!، وكالعادة لم يدافع شادى عن وجهة نظره وسقط فى فخ ضحكته المستسلمة دون أن يدرى أنه هزم جيلاً كاملاً أمام كثير من الأهالى فى البيوت كانوا ينتظرون منه تحليلات وإجابات تعبر عن شباب يناير ولا تنفر منهم أو تضعهم فى فخ المتحمسين فقط، وبدلا من أن يقول الناس العيال دى بتفهم وتستحق مراكز القيادة قال بعضهم ومنهم أهلى على الأقل.. مين الواد ده وإيه اللى بيقولو ده؟! .. وآسف يا شادى تلك ضريبة الديمقراطية، فأرجو أن تدفعها وأنت راضى ولا تفعل كما يفعل السابقون!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة