هناك حالة من الريبة والشك من بعض الظواهر الحادثة الآن التى ترجح عدم الجدية فى الإسراع بإعادة الهدوء والأمن والانضباط إلى الشارع المصرى.
الجيش المصرى يقوم بكل ما فى وسعه للحفاظ على استقرار الدولة، ومحمّل بأعباء تتناقض مع دوره الأساسى فى الدفاع عن المخاطر الخارجية التى تهدد سلامة الوطن وأراضيه، ومع ذلك وجد الجيش نفسه مسؤولا بشكل شبه كامل عن الأمن الداخلى، فى ظل حالة الفراغ الأمنى بعد يوم 28 يناير.
الجيش يقوم بالمهام الداخلية فى ظل وضع دقيق وحساس للغاية على الحدود الغربية مع ليبيا بعد ثورة 17 فبراير، وتوتر الأوضاع على الحدود الشرقية مع فلسطين المحتلة، وقيام إسرائيل بالإغارة على غزة على الحدود الدولية مع مصر.
لكن ما يحدث حاليا يثير الشك فى نوايا بعض بقايا النظام السابق وذيوله لإحداث حالة من الفوضى الداخلية، وترويع الناس بالقيام بأعمال البلطجة، ومحاولة زرع الفتنة بين الجيش والشعب وإطلاق الشائعات، يدعم ذلك استمرار غياب الشرطة عن الشارع، وهو الغياب غير المبرر حتى الآن، والذى يدفع إلى التساؤل حول هذا الغياب.
فهل هو عقاب للشعب الذى ثار من أجل الحرية لدفع ثمن ثورته بفقدان الأمن؟
لا أريد أن أتهم الشرطة التى تعانى من أزمة ثقة فى الشارع المصرى، ولكن أتساءل حول فاعليتها الغائبة، وهيبتها المفقودة التى يجب أن تستردها سريعا بتفكير وسلوك مغاير مع أفراد الشعب، وإعلاء مفهوم الشرطة المجتمعية، لا الشرطة المتسلطة المستبدة التى لاتخدم سوى نظام الحكم، وتعمل على حمايته.
فالشعب فى حاجة إلى الشرطة، كما أن الشرطة فى المرحلة الجديدة التى تعيشها مصر بعد الثورة فى حاجة إلى الشعب، فحماية الشارع مسؤولية مشتركة بين الطرفين، وإرساء قواعد علاقة سوية سليمة بينهما.
الظاهرة المريبة الثانية هى تحركات فلول الحزب الوطنى وبعض قياداته السابقين للتحريض على قيام الاحتجاجات الفئوية، وتهديد أصحاب الشركات والمؤسسات، والدفع بعناصر مشبوهة للقيام بتلك الاحتجاجات، بغرض استمرار حالة اللااستقرار، وتكريس الإحساس لدى الناس بالفوضى، وعدم الانضباط فى الشارع.
الأصابع الغامضة داخل الحزب الوطنى تسعى لإحداث البلبلة والوقيعة بين طوائف الشعب من جانب، وبين الجيش والشعب من جانب آخر، ولذلك لا بد من التفكير جيدا فى اتخاذ إجراءات صارمة وحاسمة ضد هؤلاء، بل أصبحت هناك ضرورة الآن لتجميد أو حل الحزب الوطنى لضرب تلك الفلول، وتجفيف منابع تمويلها ودعمها وتحريكها.
المسألة تحتاج إلى اليقظة والانتباه ونوبة صحيان حتى لا ننجرف فى اتجاه أعداء الثورة.