تدخل ثورة 25 يناير منعطفاً جديداً بعد الهجوم على مقرات أمن الدولة فى محافظات مصر المختلفة، وخروج آلاف الوثائق التى تكشف طبيعة عمل هذا الجهاز فى الثلاثين عاما الماضية، وإذا كان قرار تنحى مبارك هو منعطف كبير فى خطوات نجاح الثورة، فإن ما حدث ضد أمن الدولة هو استكمال كبير لقرار التنحى، بعد أن تمت تعرية ممارسات الجهاز بالكامل، والذى مارس دوره من أجل هدف وحيد، وهو الإبقاء على نظام مبارك مهما كان الثمن، وفرض توريث جمال لحكم مصر بأى وسيلة، ولم يعد خافياً الآن أن حبيب العادلى وزير الداخلية السابق، بلغ عدم احترامه للرئيس السابق مبارك، أنه قام ومن خلال أمن الدولة، بإدارة ملف حملة دعم جمال مبارك رئيساً، مما استفز أجهزة سيادية أخرى فقامت بتنظيم حملة مضادة لترشيح مبارك رئيساً، وأصبحت مصر وقتئذ محكومة بخيارين يتمثلان فى مبارك وابنه.
كانت لعبة أمن الدولة مع جمال مبارك هى قمة الجبل الذى تحتوى مكوناته على ممارسات لهذا الجهاز، بدأت بالإجهاز على كل أشكال الديمقرطية فى مصر، بدءاً من إلغاء انتخاب العمد فى القرى، وإلغاء انتخاب عمداء كليات الجامعة، وإلغاء انتخابات النقابات المهنية وتجميدها بالكامل، وضرب بعرض الحائط كل الأحكام القضائية التى صدرت لصالح هذه النقابات، بالإضافة إلى تزوير الانتخابات وعدم احترام القوانين التى صدرت لصالح المرشحين، والتدخل فى شؤون الأحزاب المصرية والتى تم تشويهها بالكامل لصالح الحزب الوطنى، وكانت النتيجة وأد كل الممارسات الديمقراطية فى كل قطاعات المجتمع المصرى.
لم نسمع عن الجهاز أنه أفسد مخططاً ضخماً فى الفساد، بدليل تمرير كل الصفقات المشبوهة فى الخصخصة، واستحواذ القلة على أراضى الدولة، وبيعها بالمليارات، ولم نسمع عنه أنه أنصف مظلوما يخوض معركة ضد أحد من كبار القوم، ولم نسمع عنه أنه أنصف كفاءة مضطهدة فى مجال عملها.
تدخل الجهاز فى كل شرايين الحياة فى مصر، فلا معيد يتم تعيينه فى كلية دون موافقته، ولا مدرس يتم تعيينه فى مدرسة دون موافقته، وحارب الكفاءات التى لا تملك إلا شرفها ومواقفها المحترمة، وبالغ فى محاربتها بتجهيز ملفات لها تحتوى على تلفيقات يتم استخدامها وقت اللزوم، وناصر عديمى الكفاءة، وصعد بهم إلى سلم القيادة فى شتى المجالات، فكانت النتيجة جموداً وخراباً، ورغبة فى الهجرة إلى الخارج، وأشرف على كل الإنتاج السيئ الذى أسس له الحزب الوطنى غير المأسوف على وضعه الآن.
خرجت وثائق أمن الدولة لتفضح الجهاز نفسه قبل أن تفضح المتعاملين معه، وتؤكد أن مسيرة الثورة تتواصل بفضح ممارساته التى تتعارض مع كل سجلات حقوق الإنسان. > >
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة