سعيد شعيب

هدم الدولة المصرية

الخميس، 10 مارس 2011 12:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أظن أن هناك خلطاً بين هدم النظام الحاكم السابق وهدم الدولة المصرية.. والفارق بينهما ضخم، الأول يعنى تدمير أسس الاستبداد، ودفع الدولة المصرية لأن تدخل إلى عصر جديد، يستند إلى دولة تكون مرجعيتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

أما هدم الدولة فهو كارثة كبرى لأنه يعنى الدخول فى نفق مخيف من الفوضى وتغييب القانون، لنعود ببلدنا إلى العصور الوسطى، وحتماً فى هذه الحالة سوف نترحم على عصر مبارك والسادات وعبد الناصر، وسوف يخرج مصريون يطالبون، ليس بالحرية كما فعلوا فى 25 يناير، ولكن بالاستبداد، فهو أرحم من الفوضى ومن شريعة الغاب الذى يريد البعض، بقصد ودون قصد، من إدخالنا فيها.

سأعطيك مثالين يشيران إلى ما أقول، الأول تصريحات الدكتور محمد البرادعى للزميلين ريم ماجد ويسرى فودة فى برنامج "آخر كلام"، والتى طالب فيها بالقبض على ما يسميهم "رموز النظام" لأنهم يشكلون فى رأيه خطراً على الثورة. وبالطبع فـ"رموز النظام" تعبير فضفاض ربما يصل بنا إلى اعتقال ملايين. ليس هذا فقط ولكن الدكتور البرادعى طالب أيضاً بإراحة رئيس تحرير لأنه نشر خبراً لم يعجبه، وبالطبع اعتبره من "بقايا النظام البائد".

الخطورة هنا أن الدكتور البرادعى منذ ظهوره مؤخراً، وهو يتحدث عن دولة القانون، ولكن ها هو عند أول اختبار، يحرض على شن حملة اعتقالات خارج القانون وخارج السلطة القضائية لمجرد أنهم مختلفون معه سياسياً، أليس هذا ما كان يفعله النظام السابق؟!

ثم إذا كان الدكتور البرادعى يقول ذلك وهو خارج السلطة، فماذا سيفعل مع المختلفين معه إذا حدث وأصبح رئيساً بالفعل؟!

المثال الثانى يحدث فى عدد من الجامعات، على خلفية المطالبة بالإطاحة بالعمداء ورؤساء الجامعات. ففى كلية الإعلام بجامعة القاهرة، على سبيل المثال، هناك مطالبات بإزاحة الدكتور سامى عبد العزيز من موقع العميد، ليس لأنه فاشل إدارياً مثلاً، أو بسبب فساد، أو لأنه غير كفء من الناحية العلمية.. لكن لأنه كان عضواً فى أمانة السياسات بالحزب الوطنى، بينما يتناسون أن وزير التعليم العالى الجديد عمرو سلامة كان عضواً أيضاً بالحزب الوطنى.

لكن على كل الأحوال، فالمعيار الذى يستند إليه المحتجون معياراً سياسياً، معياراً يتعلق بالولاء وليس بالكفاءة، أى نريد أهل الثقة وليس أهل الخبرة، نعيد إنتاج أخطاء النظام السابق الذى كان يختار فى معظم الأحيان على أسس لا علاقة لها بالمهارة والكفاءة.

بالطبع لست ضد حق الاحتجاج، بل وكنت من الذين يطالبون أثناء "العهد البائد" بأن يكون موقع العميد ورئيس الجامعة بالانتخاب، ولكن هذا يستلزم أن يبذل المحتجون جهداً لتغيير قانون الجامعات الحالى، فهذا هو المسار الصحيح، أما الإطاحة بأسماء فلن يغير شيئاً، بل سيجرنا إلى مستنقع من الفوضى التى سندفع ثمنها غالياً.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة