السؤال الذى لا نجد له إجابة عند فقهاء القانون الدستورى إلى الآن، هو: ماذا لو جاءت نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية المقرر لها يوم السبت القادم برفض أغلبية الأصوات للتعديلات؟
ما هو الحل للخروج من مآزق الرفض، وهو أمر وارد جدا، خاصة أن هناك أصواتا كثيرة تنادى بالتصويت بالرفض، والدعوة إلى تشكيل لجنة تأسيسية لوضع دستور دائم بدلا من «ترقيع» دستور 1971.
فالتعديلات استغرقت وقتا كان من الممكن استغلاله لو تم الاتفاق مبكرا بين القوى السياسية والحزبية والمجتمعية على اختيار لجنة لوضع الدستور الدائم، ثم إجراء التصويت عليه والبدء فى الإعداد للانتخابات الرئاسية ثم البرلمانية، وهو الرغبة والمطلب من الغالبية باستثناء بعض القوى الأكثر تنظيما فى الشارع السياسى، والتى تطالب بإجراء الانتخابات البرلمانية أولا، ثم الرئاسية، وهو ما يثير المخاوف من أن يأتى برلمان لا يمثل القوى السياسية الجديدة التى أفرزتها ثورة 25 يناير.
لذلك فإن منح مزيد من الوقت للفترة الانتقالية للمجلس العسكرى لإعداد الحياة السياسية السليمة من خلال إعلان دستورى مؤقت، تجرى على أساسه الانتخابات الرئاسية، ثم الشروع فى وضع دستور دائم، يعكس المطالب فى تقليص سلطات رئيس الجمهورية، وإصدار بعض القوانين الخاصة بحرية إنشاء الأحزاب، وإصدار الصحف، وتهيئة المناخ لتفعيل مؤسسات المجتمع المدنى التى تم تجميدها خلال الثلاثين عاما الماضية وخاصة النقابات المهنية والعمالية واتحادات الجامعات، ومنح الفرصة للأحزاب الجديدة فى تشكيل قواعدها فى الشارع المصرى و الاستعداد لخوض الانتخابات البرلمانية.
بالتالى.. وفى اعتقادى، فإن مد الفترة الانتقالية لمدة عام، سيكون أمرا مقبولا لإعداد المجتمع الديمقراطى لكل منظمات وهيئات وأحزاب المجتمع لاستيعاب الحراك السياسى والاجتماعى الذى أفرزته ثورة يناير، بعد غياب أكثر من ربع قرن أو أكثر عن ممارسة دورها الطبيعى فى المجتمع وفقا للآليات الديمقراطية التى كانت مطلوبة، فقد يبست وتجمدت النقابات المهنية والحركة العمالية، وانكمشت الأحزاب طوال فترة حكم العهد البائد تحت وهم الاستقرار، فتمت مصادرة النقابات العمالية لصالح الحزب الحاكم، وفرضت الحراسات القضائية على عدد كبير من النقابات المهنية، وتم التضييق على حرية الأحزاب فى الشارع والتدخلات الأمنية فى شؤونها وملاحقة أعضائها.
فإعداد المجتمع الديمقراطى هو السبيل الأمثل للتهيئة السليمة لإجراء انتخابات برلمانية، ينتج عنها برلمان يعكس القوى المجتمعية الجديدة التى أحدثت التغيير الحقيقى فى مصر، وبالتالى يصبح من حقها أن تكون ممثلة وبقوة فى أى برلمان قادم، لا يتم فيه تزوير إرادة الشعب.
التعجل فى إجراء الانتخابات البرلمانية يثير المخاوف فى عودة رموز النظام السابق وبعض الجماعات الأكثر تنظيما الآن والأكثر استعدادا لحصد غالبية مجالس البرلمان.
فالمطلوب التأنى فى الإعداد السياسى والتهيئة الديمقراطية للمجتمع حتى يتم تحقيق الأهداف المنشودة فى التغيير والتى قامت من أجلها ثورة 25 يناير. > >