سعيد شعيب

حصار المجنون

الجمعة، 18 مارس 2011 12:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ارتاح قلبى قليلاً بعد قرار مجلس الأمن أمس بفرض الحصار الجوى على القذافى المجنون، رغم أنه تأخر، ولكن أن يأتى القطار خيراً من ألا يأتى أبداً، ولابد من دخول كافة أنواع الدعم إلى الشعب الليبى البطل، بما فيها السلاح. فالنظام الحاكم فى ليبيا تجاوز كل حدود الخيال، ففى أسوأ الكوابيس الديكتاتورية كان من الصعب أن يتصور أحد أن رئيس دولة يقوم بإبادة شعب أعزل خرج فى مظاهرات سلمية.

القذافى يتعامل مع ليبيا باعتبارها شركة يملكها هو وأولاده، وهو فى هذا لا يختلف فى الجوهر عن كل الديكتاتوريين، فهم جميعاً يعتبرون الأوطان والشعوب من ممتلكاتهم الشخصية، ومن ثم يندهشون ولا يصدقون أن هذه الشعوب يمكن أن تثور ضدهم، ولذلك يعيدون الأمر إلى مؤامرات خارجية، ويستخدمون فى هذه الحالة القوى الأكثر تخويفاً للداخل والخارج وهى القاعدة والتيارات الدينية عموماً.

لعلك تتذكر الخطابات الأخيرة للرئيس السابق حسنى مبارك، فقد كانت لديه حالة من الذهول والحزن الشديد، بل والأسى من شعب لم يقدر ما فعله على امتداد ثلاثين عاماً، ولذلك لم تخلُ الخطابات من كلامه الكثير عن إنجازاته، وفى إحداها يكاد أن يعيد الفضل فى هذه المظاهرات لنفسه ولنظامه، فهو الذى أتاح كل هذه المساحات من الحرية.

تفسير عقلية ونفسية الطغاة ربما يحتاج إلى ما هو أكثر بكثير من مقالة، يحتاج إلى خيال روائيين وفنانين يحاولون فهم هذه التركيبات العجيبة، والتى تنصب من نفسها سلطة تعلوا على سلطة الشعب، بل ويعتبر نفسه وصياً عليه، فهو يفهم مصلحة هذا الشعب أكثر من الشعب نفسه.

لكن بالطبع لا يمكن المساواة أبداً بين نظامى القذافى ومبارك، فهذا ظلم. فالأخير سمح بمساحات غير قليلة من الحرية، والقذافى لم يسمح بأى شئ من أى نوع، بل وكان معارضوه فى الداخل يختفون فى السجون، ومعارضه فى الخارج يتم اغتيالهم.

الأهم أن الرئيس السابق مبارك تنحى وجنب البلد نفقاً مظلماً ربما وصل إلى حرب أهلية. أعرف أنه تم إجباره بشكل أو أجر على هذا التنحى، ولكن كان يمكنه التشبث لآخر لحظه ومعه قوى فى الجيش والمجتمع، مثلما يفعل الآن مجنون ليبيا.

فى كل الأحوال الدرس الأهم هو الكيفية التى يمكننا بها إغلاق مزرعة صناعة الطغاة إلى الأبد، أياً كانت الشعارات التى يرفعونها، بما فيها الشعارات الدينية، فليس منطقياً أن يدفع المصريون هذا الثمن الغالى للحرية، ثم يسلمون أنفسهم وبلدهم إلى طغاة يريدون أن يحكمونا باسم الله عز وجل.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة