إذا افترضت سوء النية، فالأمر لم يكلف حكومة الدكتور أحمد شفيق والدكتور عصام شرف سوى تطييب الخواطر بكلام جميل حول الشرطة التى يجب أن "تعامل الشعب كويس".
وفيما يخص جهاز أمن الدولة لم يكلف الحكومة سوى قرار بحله ثم تغيير اسمه، وكلام جميل من وزير الداخلية اللواء منصور العيسوى حول أن هذا الجهاز الذى أهان المصريين لن يعود مرة أخرى إلى ما كان يفعله فى الماضى.
أى أن الأمر حتى الآن لم يخرج عن مجرد تصريحات "ببلاش"، ولكن لم يتحدث رئيس الوزراء أو وزير الداخلية عن الآليات التى تضمن عدم تكرار الجرائم، وتضمن للمصريين أن العاملين فى هذه الوزارة موظفون عندهم، وليسوا "أسيادهم".
مصدر اندهاشى، بل وقل افتراض سوء النية، أن هناك آليات كثيرة طرحها كثيرون، ومع ذلك لم يرد عليها رئيس الوزراء ولا وزير الداخلية ومنها على سبيل المثال:
1- التحديد القاطع والنهائى لصلاحيات "قطاع الأمن الوطنى"، والاقتراح المنطقى أن يكون خاصاً بالإرهاب والجاسوسية ولا علاقة له بشئون المصريين، ولابد من إلغاء أى قرارات أو بنود فى قانون الشرطة تعرقل ذلك.
2- أن يكون فى كل قسم شرطة عضو من النيابة يصبح هو المراقب المباشر لتصرفات العاملين، وسلطاته عليهم لا نقاش فيها، كما اقترح أن تصبح مصلحة السجون تحت ولاية القضاء مباشرة، وأن يتم السماح لمؤسسات المجتمع المدنى بمراقبتها، ففيها، كما نعرف، انتهاك مهول لحقوق الإنسان.
3-لابد من تغيير مناهج التدريس فى كلية الشرطة، والتى تخرج لنا وحوشاً، ولابد أن تكون هذه المناهج الجديدة معلنة.
4- ضرورة أن يكون وزير الداخلية مدنيا، لأنه بصراحة لا أمل فيمن تربوا فى هذا الجهاز وتشربوا مفاهيمه، ودعك من الكلام الكثير حول أن الوزير الجديد "طيب وابن حلال" فنحن نريد سياسيا على قمة هذا الجهاز يعرف أنه ستتم محاسبته من قبل الناخبين.
5- لابد أن تكون ميزانية هذا الجهاز معلنة، فهو جهاز مدنى بنص الدستور، وليس مؤسسة عسكرية، ولابد أن نعرف أين ينفقون المليارات، وأن يعلن الوزير انتهاء المبالغ الخرافية التى حصل عليها الوزير ورجاله ويعلن حد أقصى للأجور لا تزيد عن 15 ضعفا أصغر الضباط.
6- لابد من توفير حماية للعاملين فى هذا الجهاز، لتكن نقابة مثلاً، لحمايتهم فى حالة كشف الفساد أو وجود تظلمات، فقياداتهم كانت تعاملهم طوال الوقت كالعبيد ولذلك انتشرت المحسوبية والفساد.
ومن المؤكد أن هناك أفكارا أخرى للإصلاح واستعادة هذه الوزارة، فلماذا لا يدعو الدكتور عصام شرف إلى مؤتمر لمناقشتها تشارك فيه كل مؤسسات المجتمع المدنى، وتكون قراراته ملزمة؟
بصراحة، وبدون تجنٍّ، إذا لم يفعل واكتفى "بتطييب الخواطر"، فليس أمام من هو مثلى سوى أن يفترض أن الرجل المحترم يضحك على المصريين كما كان يفعل سابقوه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة