فيما يتعلق بمشروع القانون الذى يجرم الاحتجاجات، فليس هناك فرق بين أداء الدكتور عصام شرف القادم من ميدان التحرير وبين حكومات الحزب الوطنى، ولا تختلف عن أداء كل الحكومات الديكتاتورية التى خربت بلدنا. فكلهم يستندون إلى ذات المقولات الفضفاضة واستخدام التعبيرات المخيفة والجمل الرنانة، ولذلك لقمع حريات المصريين وسلبهم حقاً أساسياً استطاعوا انتزاعه على امتداد سنوات وسنوات، وجاءت ثورة اللوتس لتؤكده بشكل حاسم وقاطع، وهو حق حرية التعبير والتنظيم وعلى رأسها حرية الاحتجاج والاعتصام، بل والإضراب.
من المقولات التى قالها وزير العدل المستشار عبد العزيز الجندى، أن هناك مظاهرات غير سلمية، تعطل العمل وتخرب وسائل الإنتاج والوحدة الوطنية.. إلخ. وإذا أضفت إلى هذه التعبيرات "قلة مندسة" و"قلة مأجورة" و"أجندات خارجية"، فهى نسخة طبق الأصل مما كان يردده النظام السابق وكل الأنظمة المستبدة.
الأصل هو أن الاحتجاج السلمى، اعتصام وإضراب وغيره، حق من حقوق الإنسان أقرته المواثيق الدولية ووقعت عليه الدولة المصرية، وكان يقره الدستور المصرى السابق، ومن ثم لا يجوز الالتفاف عليه بأى حجج. وإذا كانت هذه الحكومة الثورية تخوفنا بالتخريب، فعليها تطبيق القانون الحالى، دون الحاجة إلى قانون إرهابى يحرم الناس من حقوقها المشروعة ويقول للمظلومين قدموا تظلماتكم و"اخرسوا".
هذه أولا وثانياً أن التظاهر والاعتصام والإضراب ضرورة ديمقراطية، لأن الجماهير صاحبة المصلحة لا تملك السلطة لتحقيق مطالبها، ومن ثم ليس لديها سوى الوسائل السلمية الديمقراطية لممارسة الضغوط السلمية العنيفة حتى تصل إلى أهدافها، بما فيها تعطيل العمل، أى الإضراب. أى أن هذه الوسائل الديمقراطية استقرت حتى تستطيع المجتمعات الوصول السلمى إلى توازن بين طبقاتها، وتوازن بين الحكام والمحكومين. وإذا تم تجريم هذا الحق بالحجج التافهة التى يقولها وزير العدل وحكومته فقد تم تدمير الديمقراطية، ووضعنا المجتمع على حافة الانفجار كما كان فى العهود السابقة.
ثم لماذا لم يفكر رئيس الوزراء الثورى الذى أتى به الثوار إلى النزول إلى الناس هو ورجاله للتفاوض معها، ولماذا لم يضع جدولاً زمنياً لتحقيق مطالبهم؟
ثم إذا كانت الحكومة الثورية لا تريد تحمل احتجاجات المصريين وتنوى تجريمها وسجن أصحابها، فعلينا إذن أن نترحم على الرئيس السابق مبارك الذى شهد عدده أكبر وأضخم احتجاجات فى طول وعرض البلاد. أليس كذلك؟!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة