مهمة صعبة تلك الملقاة على عاتق الدكتور عصام شرف رئيس الحكومة، تحتاج إلى صلابة وصبر وكفاءة، وهى صفات تتوفر للبناة العظام، يراهن المصريون على أن شرف من هؤلاء. بدأت صفحة الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء، فى مرحلة يتوقع أن تكون الأخطر فى تاريخ مصر الحديث لأنها ستحدد ملامح صورة المستقبل.. رئيس الوزراء عصام شرف أول شخص يتولى منصبه بناء على مطلب جماهيرى، وهو يمثل تيارًا جامعيًا أكد احترامه للعلم ورفض طريقة إدارة الجامعة واستبعاد الكفاءات.. كان اختياره لرئاسة الحكومة الانتقالية تلبية لرغبة كثيرين طالبوا بحكومة تكنوقراط تخلو من أى آثار للنظام السابق..كما أنه اختلف عن سلفه الذى ظل متململا تجاه الثورة، وكانت له تصريحات تشير إلى أنه لم يستوعب ماجرى.
كان عصام شرف مدركا لأهمية التحولات التى شهدتها مصر، وبدا أكثر إدراكا للثورة من سلفه الفريق أحمد شفيق، الذى ظل حتى آخر لحظاته فى رئاسة الحكومة، غير مدرك لحجم القوة التى أنتجتها ثورة يناير، وجعلت الشعب طرفًا فى معادلة السلطة.. على العكس شارك شرف فى ثورة يناير وخطب فى ميدان التحرير فى مواجهة نظام مبارك.. وبالإضافة لذلك تدعمه سمعته المهنية والأخلاقية.. كما أنه يفهم لغة العصر فقد أنشأ موقعا لرئاسة الوزراء على الفيس بوك، نشر عليه كل تفاصيل المفاوضات لتشكيل الحكومة وأعلن استعداده لتلقى الاقتراحات والتعليقات.. وهى خطوة تضيف لميزته كرئيس حكومة يبدأ بالتواصل مع الشعب ولا يكتفى بالحديث إليه.
عصام شرف له أبحاث فى الطرق وتخطيط المدن، وقد استعانت به دول خليجية كالإمارات لتخطيط الطرق لديها، وكانت لديه وجهة نظر تختلف كثيرا مع وجهة نظر لخبراء النظام السابق الذين كانوا كلما أرادوا حل أزمة الطرق والحوادث يدفعون لتغليظ العقوبات بينما كان شرف يرى أن تشديد العقوبة فى حوادث الطرق غير مجد وأن القضية هى قضية تحسين الخدمة وتوزيعها بعدالة وألا تكون هناك فئات مهمشة.. ويرى أيضا أن المناخ الثقافى قبل القانون أو معه هو الذى يقضى على المشكلات.. وهى فلسفة تكشف عن رؤية علمية، لإدارة الأزمات، يمكن فى حالة تعميمها أن تمثل مخرجا.
كل هذه عناصر ترجح أن يكون عصام شرف الرجل المناسب فى وقت صعب يحتاج إلى رئيس وزراء قادر على جمع رأى عام لمساندته، واتخاذ إجراءات للخروج بمصر من مرحلة صعبة، ومواجهة ثورة مضادة تظهر ملامحها دون أن يمتلك أحد القدرة على توصيفها.
ومن الصعب الحكم على الرجل الآن، لأنه لا يزال يجرى مفاوضات لتشكيل حكومة يتوقع أن تكون الأهم فى المرحلة القادمة، وينتظر منها المواطنون أن تعالج مشكلات الأمن والاقتصاد، وأن تمهد الطريق لإجراء الاستفتاء على التعديلات الدستورية.. التى لا تزال تثير الجدل.. وينتظر أن يدفع لإعادة النظر فيها.
الدكتور عصام شرف أمامه مهمة إعادة الأمن إلى البلاد بعد الفراغ الأمنى والانفلات والعصيان الصامت للشرطة، وهى مهمة صعبة لأنها تحتاج ليس فقط لإعادة الشرطة القديمة لكن بناء جهاز أمن على أسس جديدة تتناسب مع مرحلة جديدة، تنهى عصر التعذيب والتجسس وتجعل الأمن تحت رقابة القانون.. خاصة بعدما تكشف من فضائح لجهاز أمن الدولة.
كما أن عليه كرئيس وزراء مواجهة أزمة اقتصادية وتوقف عجلة الإنتاج فى الكثير من الجوانب وأيضا مواجهة احتجاجات العمال والمواطنين فى جهات عديدة، من خلال برنامج يحمل وعودًا وتوقيتات واضحة، حتى يمكنه تهدئة الغضب، والبدء فى إطلاق عجلة الإنتاج بشكل آمن.. بالإضافة إلى إعادة تشغيل المستشفيات والمدارس.. فضلا عن ملفات الفساد المفتوحة.. وإعادة العدالة إلى نظام أضاع العدالة طوال عقود، واستبعد الكفاءات وحكم بالحديد والنار والفساد.
عصام شرف بدأ أول يوم عمل له بالدخول سيرا إلى مقر مجلس الوزراء على غير عادة سابقيه ممن كانوا يفضلون السير فى مواكب استفزازية..كما أنه قال فى ميدان التحرير يوم الجمعة إن أجهزة الأمن يجب أن تكون خادمة للمواطنين وشدد على أنه يستمد شرعيته من الميدان.. وهى كلمة معبرة لفتت نظر الصحف الأجنبية التى اعتبرت نزول شرف، رئيس الوزراء الجديد، إلى ميدان التحرير وتوجيه كلمة للثوار خطوة غير مسبوقة، واعتبرتها «نيويورك تايمز» خطوة ذكية.. وقالت إن أمام شرف مهمة صعبة بدأها بخطاب تفاعل فيه مع الشعب، ويحتاج إلى مساندة حتى يحقق نجاحه.. عصام شرف يحتاج المساندة والصبر وأن يتحمل الناس معه مهمة صعبة، فإذا نجح فى مهمته المقدسة سوف يدخل التاريخ بصفته الرجل الذى أعاد بناء مستقبل مصر، وسيدخل معه المصريون بثورة بيضاء أسقطت نظامًا ظالمًا وأقامت نظامًا عادلاً.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة