«يانهار أسود مطلعلوش شمس» هذه هى العبارة الوحيدة التى ظلت على لسان عدد كبير من الثوار الذين اقتحموا مقرات مباحث أمن الدولة فى كل المحافظات فى نصر جديد يضاف لنصر أبطال ثورة يناير الذين نجحوا فى إسقاط الفرعون مبارك فى 11 فبراير، بتنحيه عن حكم مصر، وكرر الأبطال نفس السيناريو السبت الماضى، عندما أسقطوا صنم النظام وعموده الفقرى وهو مباحث أمن الدولة.
الثوار لم يكتفوا بدخول المبانى التابعة لجهاز العار والطغيان، بل نجحوا فى إخراج ما تبقى من ملفات ووثائق كانت تحمل سرى للغاية، لنكتشف أن هذا الجهاز الشاذ، كان يتجسس على كل شىء، والغريب أن ما تم الحصول عليه من مستندات، يكشف خطورة الدور الذى لعبه هذا الجهاز لأكثر من 30 عاماً، تحكم فيها فى مقدرات الأمة، وزرع عيونه وأذنه وعملاءه فى كل مقرات ومنازل المعارضة المصرية، واستخدم بعض الشخصيات الشهيرة فى بعض الملفات، ما ظهر هو الجزء اليسير الذى لم يتعرض للفرم أو الحرق، وهو ما يجعلنا نتساءل إذا كانت هذه المستندات الخطيرة هى ما حصل عليه الثوار، فما هو حجم الوثائق التى تعرضت للفرم؟
علينا أن نتخيل المشهد قبل ساعات من نجاح الثوار فى اقتحام مقرات هذا الجهاز والذى تمت مخاطبة كل الأفرع له فى مصر، بخطاب موقع من رئيسه السابق وهو الطاغية اللواء حسن عبدالرحمن مساعد أول وزير الداخلية لمباحث أمن الدولة، وفى هذا الخطاب الصادر يوم 24 فبراير أى بعد سقوط النظام وتنحى مبارك بـ14 يوماً، يأمر فيه هذا اللواء قيادات الأفرع بفرم ونقل كل المستندات المهمة، وبالفعل نفذت القيادات الأمر، وتخلصوا من كل ما هو يدين هذا الجهاز، وتركوا بعض الوثائق التى تثير الفتنة بين أبناء الشعب المصرى، وهى خطة جديدة من مخططات الثورة المضادة.
ويكفى أن معظم أوراق مباحث أمن الدولة التى لم يتم فرمها تعرضت لشخصيات محترمة، وهو مايعنى أن قرار الفرم الذى صدر لزكى قدرة «مع الاعتذار للراحل عادل أدهم صاحب عبارة إدبح يازكى قدرة» شمل كل المستندات التى تدين قيادات مهمة فى الدولة، سواء داخل وزارة الداخلية أو الوزارات الأخرى، وبالفعل نفذ القائمون على هذا الجهاز ما طلب منهم، وتركوا بعض التقارير الأخرى التى اعتقدوا أنها تضر بعض الشرفاء، والحقيقة أنها أكدت أن جهاز مباحث أمن الدولة هو جهاز حقير.