ناصر عراق

من فضلكم.. لا تطلبوا من مبارك أن يكتب حرفاً!

الجمعة، 01 أبريل 2011 08:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أتعجب كثيراً من أولئك الذين يطلبون من الرئيس المخلوع حسنى مبارك أن يكتب مذكراته باعتبارها الفرصة الأخيرة التى يمكن أن تغفر له خطاياه العديدة فى حق الشعب المصرى العظيم.

هؤلاء يؤكدون أنه لو شرح لنا مبارك فى هذه المذكرات كيف كان يحكم مصر؟ وما الدور الذى لعبته قرينته سوزان ثابت فى توجيه سياسات البلد؟ وكيف أمكن لمستشارى السوء أن يعزلوا الرجل عن نبض الشارع؟ ثم أوضح لنا مبارك متى بالضبط نبتت البذرة الفاسدة التى جعلته يخون فكرة الجمهورية، ليخطط كيف سيورث الحكم لابنه؟ ومن عزز هذه الفكرة المشبوهة وكيف؟ إلى آخره.

إذا كتب مبارك كل ذلك كما يتمنى ويطالب بعض الكتاب والصحفيين، فإن التاريخ قد يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كما يقولون، لأننا آنذاك سنعرف الآليات والوسائل التى تصنع الديكتاتور، وتنتج البطانة المريبة. ومن ثم نستطيع أن نضع القوانين والأعراف التى تحول دون أن يظهر لنا ديكتاتور آخر يحكم وينهب ويفسد فى الأرض.

هذه الأمنية التى يحلم بها بعض الناس تخاصم تماماً الجهاز النفسى للرئيس المطرود، ذلك أن الرجل الذى حكم مصر بقبضة من حديد لمدة ثلاثين عاماً ليست له أى علاقة بالقراءة والكتابة. طبعاً أنا لا أقصد أنه إنسان أمى، فهو لا يجيد القراءة والكتابة فحسب، بل يتقن اللغة الإنجليزية أيضاً، لكن ما أعنيه أنه من أولئك الناس الذين حرموا أنفسهم من متعة الاطلاع على شتى المعارف المختلفة من أدب وفكر وفن وسياسة وتاريخ إلى آخره، فمبارك الذى تولى حكم مصر فى لحظة تاريخية مشوشة سنة 1981 لم يُدلِ بتصريح واحد يمكن أن نستكشف منه أنه إنسان مثقف.. قرأ وفهم وأدرك الحقائق. كما أن جميع الخطب التى كان يلقيها على الناس خلت من أى استشهاد بحكمة شهيرة لكاتب كبير، أو قول مأثور لمفكر معروف!

صحيح أن هناك من يكتب له هذه الخطب، لكن لو كان أوتى من الثقافة جزءاً يسيراً، لتدخل بقلمه فى هذه الخطب ليضيف ويحذف بما يوحى أنه قارئ ومطلع. لكن هذا لم يحدث على الإطلاق.

حتى عندما قطف أديبنا الراحل نجيب محفوظ جائزة نوبل عام 1988 لم نسمع أن الرئيس المنبوذ علق بكلمة تدل على أنه أعجب أو افتتن بإحدى روايات صاحب نوبل. ومن المفارقات المدهشة أن مبارك الذى منح نجيب محفوظ قلادة النيل، أرفع الأوسمة المصرية، لم يقرأ له حرفاً!

حسناً.. إذا كان الرئيس المتهم حالياً بقتل شباب المتظاهرين فى ميدان التحرير أثناء ثورتنا المصرية المجيدة وفقاً للمانشيت الرئيسى لجريدة الأهرام الأربعاء 23/3، أقول إذا كان الرئيس لم يطق أن يقرأ كتاباً واحداً طوال حياته، فهل يمكن أن نتخيل، ولو للحظة، أنه قادر على كتابة مذكراته؟ خاصة وقد عرف عنه أنه كان يردد كثيراً أنه غير مشغول بالتاريخ وما سيقوله عنه وكيف سيصف فترة حكمه؟

لذا من فضلكم لا تطلبوا منه أن يدون تجربته البائسة فى حكم مصر، لأن ذلك الأمر يتجاوز قدراته وإمكاناته ومواهبه، ناهيك عن رغبته، فهو لا يقدر الثقافة ولا يحترم المعرفة، وإلا كانت فترة حكمه أفضل، ونهايته أرق وأجمل، بدلاً من مكوثه الآن مكتئباً فى شرم الشيخ ينتظر المحاكمة على جرائم لا حصر لها تمت فى عهده الأسود!









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة