إبراهيم داود

خوف حقيقى

الأربعاء، 13 أبريل 2011 07:44 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يوجد أشخاص أصغر سناً-على الأرجح - يتمتعون بشجاعة مدهشة، تتأملهم وهم يتناولون المسائل الكبيرة (أو التى كنت تظنها كبيرة) ببساطة مذهلة، وكيف يتجاوزون سقف طموحاتك فى مسائل بعينها، بمنطق لا تستطيع أن تقول إنه خاطئ، وأحياناً يهز قناعات قطعت طريقاً طويلاً لتكوينها، فرحك بما تتأمله يرجع إلى نقاء فطرة الذين تصغى إليهم، النقاء الذى يقل تدريجياً عندما تختلف السبل. نجحت الثورة المصرية بسبب هذا النقاء وهذه الفتوة، وهذا النزق الإنسانى الفريد، أنت أمام أهداف محددة، وشعارات غير بلاغية، وسلوك متحضر، ونبل فى المقصد، وشهداء فى الطريق إلى النصر، أمور أجبرت مبارك على التنحى، وتم القبض على بعض من أعمدة نظامه ورموز زمنه، وهى إنجازات عظيمة لا شك، ولم يكن أكثر الناس تفاؤلاً يحلم بنصفها قبل 25 يناير. لقد تم وضع ألغام كثيرة وثقيلة أمام الثورة، فى أطفيح، ومنشية ناصر، ومبارة كرة قدم، وفى الجرائم التى تبعث على الخوف وتُشعر المواطنين بعدم الأمان، وتم تفاديها أو تجاوزها أو الاتفاق على تجاوزها، لأننا بالفعل أمام ثورة ينبغى أن تحتفظ بصورتها المتحضرة التى أذهلت البشرية، ومدت المصريين بطاقة روحية أعادت لهم الثقة فى أنفسهم وفى المستقبل، ثورة حماها الجيش الذى يحمل له الناس فى قلوبهم منزلة عظيمة، بسبب تاريخه الوطنى، ونقاء عقيدته القتالية التى يؤمن بها المصريون الذين يعرفون عدوهم الحقيقى، فى الجمعة قبل الماضى كان ضرورياً النزول إلى التحرير، لكى تظل الروح الثائرة على أهبة الاستعداد، وفى الجمعة الماضى تضاعف العدد للهدف نفسه، ولأنه لم يتم تنفيذ المطالب كلها، وعلى رأسها محاكمة الرئيس السابق وأسرته وكهنته، وسرعة إصدار أحكام ضد قتلة الشهداء وناهبى ثروات الشعب، وهى مطالب سهلة التحقيق ومنطقية، ولن يطمئن الشعب على نجاح ثورته إلا بتحقيقها- كانت الأخيرة رائعة، أدخلت الناس فى أجواء ما قبل 11 فبراير، وأصبحت سرعة محاكمة مبارك فى وضوح المطالبة بإقالته، ولكن ظهور ضباط من الجيش وسط المتظاهرين أفسد المشهد، انقبض قلبى وأنا أشاهد ثمانية منهم أو اثنى عشر على المسرح فى الميدان، شعرت لأول مرة منذ الثورة بخوف حقيقى، ليس كراهية فى الضباط الشباب، ولكن على الطابع السلمى والمدنى للثورة، ولأنه لا يجوز إعطاء الفرصة لقادة الثورة المضادة لاستثمار هذا الحدث، والوقيعة بين الشعب والجيش، بعد أن فشلوا فى الوقيعة بين الأقباط والمسلمين، وبين المسلمين والمسلمين، والذين ظهروا فى الميدان خارجين على القانون، لأننا خدمنا فى الجيش، ونعرف أن هذا لا يجوز، وحمّلوا الثوار أكثر من طاقتهم، وقاموا بابتزازهم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة