ولماذا لا يكون هناك مرشح لرئاسة مصر من جيل الشباب؟ هذا هو السؤال الجوهرى الذى فرض نفسه على المشهد السياسى الراهن بعد أن تصدره جيل المسنين والمتقاعدين وعواجيز الفرح مرة أخرى، معلنين أنهم الأصلح والأقدر على قيادة البلاد بعد ثورة الشباب التى لم يشارك فيها هؤلاء المتقاعدون، وكان كل دورهم تفقد ميدان التحرير بالملابس الكاجوال والتقاط صور تذكارية والظهور أمام الفضائيات العالمية، متناسين أن الثورة التى أطاحت بنظام حسنى مبارك وحزبه الوطنى المنحل صنعها وفجرها وقادها الشباب، بينما كان بعض المرشحين للرئاسة ومدعى الإصلاح والتغيير يقتربون من عمر مبارك وممن عملوا معه وساندوه وكانوا سكرتارية تنفيذية له، ولم يسجل لهم التاريخ لحظة اعتراض واحدة على قراراته وسياساته الديكتاتورية والشمولية.
لهذه الأسباب سعدت كغيرى من أبناء جيلى من الشباب بما طالب به جموع طلاب جامعة حلوان من ترشيح الإعلامى الكبير أحمد المسلمانى لرئاسة الجمهورية، باعتباره رمزا وقدوة لجيل الشباب، وواحداً من الذين تعرضوا لظلم واضطهاد النظام السابق، لأنه كان فى طليعة منتقدى استبداد وفساد الحزب الوطنى المنحل ورموزه الفاسدين، من خلال برنامجه اليومى المعروف "الطبعة الأولى" على قناة دريم.
وقد وصل حد بطش السلطة بالضغط على رجل الأعمال أحمد بهجت لمنع البرنامج بسبب انتقاده الدائم لرموز الفساد فى عهد مبارك من وزراء ومسئولين فى الحزب الوطنى المنحل، كما أصدر النظام لصحفه الحكومية وكتبته الفاسدين بالهجوم على المسلمانى وتشويه صورته أمام الرأى العام.
دخل أحمد المسلمانى العمل العام من بوابة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، منتميا للتيار الليبرالى المصرى الأصيل، المتجذر فى تاريخ الحركة الوطنية، وكانت أفكاره المنادية بثورة يقودها الشباب ودور أكبر فى الحياة السياسية مثار إعجاب جيله، وقد بلور ذلك فيما بعد فى أوراق ليبرالية قدمها فى مؤتمرات إقليمية ودولية.
ولم يقع المسلمانى فى فخ الهجوم والاقصاء لتيارات أخرى مخالفة له فى الرأى خصوصا التيارات الإسلامية المعتدلة، بل فتح صالونه الثقافى المتميز كل أربعاء لكل التيارات السياسية، للحديث عن تجربتها فى العمل السياسى كجماعات وطنية، فى حضور المخالفين للرأى لهذه التوجهات، ليسود جو من الحوار الراقى والخلاق بعيدا عن لغة السباب والإقصاء.
ولم ينس المسلمانى فى غمرة انغماسه اليومى بالقاهرة وعالمها وتياراتها السياسية وفضاءاتها الإعلامية والثقافية، أصله الراسخ فى القرية فقدم برنامجا متكاملا لتنميتها من خلال مؤسسة المسلمانى الخيرية التى لم يقتصر نشاطها على محافظة الغربية ومركز بسيون فقط مسقط رأس المسلمانى، بل امتد ليشمل جميع محافظات مصر، فى إطار المنح التعليمية وتنمية المهارات ودعم جهود التنمية المحلية للقرى المصرية.
إن تقديمنا لأحمد المسلمانى كمرشح الشباب للرئاسة لايعنى إعطاءه توكيلا مفتوحا أو شيكا على بياض دون ضمانات حقيقية وبرنامج واضح المعالم، لنهضة مصر واستقرار الأوضاع السياسية وضمان مناخ حقيقى للتعددية والمواطنة، فضلا عن برنامج يضمن سياسات اقتصادية رشيدة توفر معالم الحكم الرشيد والصالح ومحاربة الفساد، وضمان رفاهية المواطن وارتفاع معدلات النمو الحقيقية، أضف إلى ذلك برنامجا يراعى مصالح مصر وتوازانتها وأمنها القومى. وعودتها للمحيط الإقليمى والدولى كصانعة أدوار وليست مجرد رقما فى المعادلة الدولية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة