بصراحة يغيظنى التعبير المنتشر هذه الأيام عن هيبة الدولة، ودعنى أقول لك إنه مستمد من عصور الاستبداد، بما فيها استبداد حسنى مبارك، لأنه يعنى ضمنياً أن "هيبة" قرارات السلطة التنفيذية أهم مليون مرة من رغبات الناس، أو قطاع منهم.
أحدثكم عن قنا التى ما زال يحتج فيها الآلاف رفضاً للمحافظ الجديد ومع ذلك تتجاهلهم الحكومة والمجلس العسكرى، بل ولم يهتم كلاهما بان يوضحا للناس حيثيات اختيارهم هذا المحافظ وغيره من المحافظين فى كل ربوع مصر. ولا ما هى خططهم فى النهوض بمحافظاتهم ولا معايير محاسبتهم. إنها ذات الطريقة الفاسدة فى الاختيار التى كان يتبعها مبارك ومن قبله السادات ومن قبله عبد الناصر، إنها الطريقة التى لا تهتم بما يريده المواطنون، وإذا اعترضوا يردون عليهم بـ "هيبة الدولة"، وهى فى الحقيقة "هيبة ظلم الحكومة”.
أضف على ذلك أن ذات الحكومة وذات المجلس العسكرى استجاب لمئات الاحتجاجات فى كل مكان، بل واستجاب لبعض الموظفين فى التليفزيون والمؤسسات الصحفية وغيرهما لكى يقيلوا رؤساءهم، بل وأعادوا وزارة الآثار عندما اعترض كثير من موظفيها على الإلغاء.
اعرف أن الأمر فى قنا له بعد طائفى قوى، وقد كتبت ذلك منذ عدة أيام، فهناك من السلفيين وغيرهم من يرفض المحافظ الجديد لأنه مسيحي، ولكن حتى فى هذه الحالة فلابد من إقالته والاستجابة لرغبة قطاع ليس قليل من أهالى قنا، وتنفيذ اقتراح الأستاذ ضياء رشوان الباحث فى مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية بتعيين المحافظ المرفوض مشرفاً على كل محافظى الصعيد.
هذا هو الحل السريع، فهيبة الدولة تأتى مت تحقيقها لرغبات المواطنين وليس العكس. والحل الحقيقى هو أن يتم اختيار المحافظين بالانتخاب مع وجود استقلالية مالية وإدارية للمحافظات، وساعتها سيعرف الناس إن مصلحتهم ستكون مع اختيار الكفاءة وليس الدين.
لكنه التعنت والعند وضيف الأفق، ألا يذكرك بعند مبارك، الذى سيزيد الأزمة اشتعالاً، وحتى إذا عاد المحتجون إلى بيوتهم، فسوف تشتعل الفتنة مرة أخرى وبطريقة أخرى ربما تكون أشد عنفاً ودموية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة