تحملنا النوايا الطيبة فى بعض الأحيان إلى نتائج غير طيبة، ودعوات البعض من قوى ثورة 25 يناير إلى عزل كل أعضاء الحزب الوطنى المنحل من الحياة السياسية، تبدو فى ظاهرها أنها تعبر عن نوايا طيبة، لكنها تحمل أيضا تعسفا فى النظرة، وديكتاتورية فى الرأى، وهذا ما أثرته الأسبوع الماضى، وأعود إليه مجددا بعد تهديدات أطلقها الداعية الإسلامى الدكتور صفوت حجازى، قال فيها إنه إذا لم يعتزل أعضاء «الوطنى» الحياة السياسية للسنوات الخمس المقبلة على الأقل طواعية فسيتم الضغط عليهم، وأضاف خلال مؤتمر فى قرية منية النصر بمحافظة الدقهلية، أنه إذا فشلت الجهود القانونية فسيضطر مجلس أمناء الثورة إلى نشر قائمة سوداء تتضمن أسماء أعضاء لجنة العشرين فى كل قرية ونجع على مستوى الجمهورية.
لا جدال فى أن الحزب الوطنى أفسد الحياة السياسية طوال الثلاثين عاما الماضية، ببنائه المتداخل مع الدولة، وأدى إلى أن يكون من بين أعضائه موظفون وعمال وفلاحون وبسطاء فى القرى والنجوع، لم يكونوا فاسدين ، إنما حملوا كارنيه عضوية ليس أكثر، واتخذ بعضهم من عضوية الحزب وسيلة لخدمة الآخرين، وأعرف بعض قواعده الذين كانوا يرفضون السياسات العامة، لكنهم لم يتحملوا قدرة الانتساب للمعارضة، وفى حدود علمى لا يوجد أى فقه سياسى وقانونى يستطيع عزل هؤلاء سياسيا، وبالتالى لا يصح تهديدهم بالفضح لو لم يقدموا على هذه الخطوة طواعية.
وبعد حكم القضاء بحل الحزب، يجب الانتقال إلى التعامل السياسى مع أعضائه، بترك الأمر للشارع الذى يستطيع بعد ثورة 25 يناير فرز ولفظ الفاسدين سياسيا، ليس من بين أعضاء «الوطنى» فقط، إنما من عموم المعارضة التى لا تجمع ملائكة، بل فيها من يشغل الناس الآن بقضايا فرعية، تصرف الاهتمام عن الأهداف الحقيقية للثورة.
المطلوب الآن هو استكمال اصطياد رؤوس الحزب فى المحافظات، بمعرفة ما إذا كانوا متورطين فى قضايا فساد أم لا، وتقديم الفاسدين منهم لمحاكمة عادلة، فهؤلاء كانوا يحركون القواعد الحزبية «الغلابة» كعرائس على المسرح، وكانوا يلتهمون «تورتة» الغنائم دون شبع، فى الوقت الذى كان عضو الحزب الوطنى «الغلبان»، يشكو مثل غيره من ارتفاع الأسعار والبطالة، وغيرها من المشاكل، فهل يجوز أن نحكم على هذا «الغلبان» بالعزل السياسى؟
وحتى لا يبدو أن طريق التسامح مفتوح «على البحرى»، أقترح على الأحزاب الموجودة، أو تلك التى فى الطريق، أن تقوم عبر عضويتها فى المحافظات بفرز حقيقى لأعضاء «الوطنى» الصالحين للتواصل معهم فى حل المشكلات المحلية، وإبعاد أصحاب السمعة السيئة، وبالتالى يتحقق مفهوم العزل ولكن بإرادة الشعب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة