عندما أعلنت مصر فى عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر البدء فى بناء مشروع السد العالى، ونظرا لأهمية هذا المشروع القومى لمصر والذى خاض المصريون جميعا من أجل بنائه معركة الكرامة الوطنية واستقلال الإرادة وحرية اتخاذ القرار ضد القوى الاستعمارية الكبرى، قرر الزعيم الراحل إنشاء وزارة خاصة للسد العالى تولاها عام 62 المرحوم المهندس محمد صدقى سليمان الذى أصبح بعد ذلك رئيسا لوزراء مصر عام 66.
ومثلما كان السد العالى ومازال نموذجا للمشروع القومى الذى احتشد حوله المصريون حتى تم إنجازه، فإن الدور الآن على سيناء ذلك الجزء الحبيب والغالى من الوطن الذى تم إهماله طوال الـ 30 عاما وتعامل معه النظام السابق بالنظرة الأمنية الغاشمة فقط، وضاعت معها كل وعود الإعمار والتعمير وأوهام المشروع القومى الذى تم الإعلان عنه فى عهد النظام السابق الذى لم يرى فى أبناء مصر فى سيناء سوى أنهم "جواسيس وعملاء"، و"مخربين"، ولم يتعامل معهم كمصريين يعيشون على أرض البطولات والأمجاد التى شاركوا فيها منذ هزيمة 67.
زيارة الدكتور عصام شرف الأخيرة إلى سيناء ولقاؤه مع أبنائها وكلماته المطمئنة إليهم تبعث الأمل فى تغيير نظرة الدولة فى التعامل مع "مسألة سيناء"، وإحياء المشروع القومى لتعمير شبه الجزيرة التى تستطيع استيعاب ملايين المصريين فى زراعة ملايين الأفدنة وبناء مئات المصانع والقضاء على تكدس الوادى المزدحم والبطالة التى يعانى منها 25 % من المصريين، فهو مشروع الأمل لمصر بعد ثورة 25 يناير.
الاحتفال بعيد تحرير سيناء العام الحالى يختلف عن الأعوام السابقة، فسيناء العام الحالى تتنفس نسيم الحرية الحقيقية ويشرق عليها صباح حقيقى، بعد حصار وإهمال دام 28 عاما، وزيارة الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء لأبناء مصر فى سيناء مثلت طاقة أمل وفجرا جديدا لهذا الجزء العزيز من مصر الغالية، لكى تبدأ معاول البناء والتعمير فى أضخم مشروع قومى لمصر فى القرن الحادى والعشرين.
اعتذار الدكتور شرف للشعب المصرى فى سيناء بداية مهمة لطى صفحة الماضى الكئيب والبدء فى مشروع التنمية والنهضة، وهو الواجب الوطنى الآن فتعمير سيناء مشروع قومى لا يقل أهمية عن مشروع السد العالى فى الستينات، ويحتاج إلى وزارة خاصة لمتابعة تنفيذ المشاريع فى مدة زمنية محددة مثلما كانت وزارة السد العالى، ولا بد من مشاركة كل فئات المجتمع ورجال أعماله فى مشروع تعمير سيناء، وربما تكون فرصة لجذب الاستثمارات العربية إلى سيناء خلال جولة الدكتور شرف إلى عدد من دول الخليج حاليا.
سيناء بعد ثورة 25 يناير تودع سنوات الظلم وتعود إلى أحضان الوطن وتتنفس حريته.