عددهم ليس كبيرا ومن الصعب أن نراهم كلهم مرتزقة قبضوا ليذهبوا ويرفعوا لافتات، ويرددوا هتافات تؤيد الرئيس السابق حسنى مبارك أو تطالب بعدم محاكمته، وبينهم من لا نستبعد حسن نيته حتى لو اختلفنا معه.
منذ أيام التنحى ونحن كل فترة نرى عشرات المواطنين ينظمون مظاهرة تأييد للرئيس السابق مبارك وعرفوا بمظاهرات مصطفى محمود، ولا نعرف لماذا اختاروا مصطفى محمود ليطلقوا مظاهراتهم المؤيدة، مع أن المسجد شهد انطلاق أحد أكبر مظاهرات الغضب يوم 25 يناير وأيضا فى جمعة الغضب 28 يناير. لكن بعد التنحى كانوا ينظمون مظاهرات يعلنون فيها شعارات مثل "إحنا آسفين" أو "جمعة رد الجميل "أو غيره. وهؤلاء تجد كثيرين منهم فى تعليقات تهاجم ما نكتبه انتقادا لمبارك وعهده.
أسهل طريقة للتعامل مع هؤلاء المؤيدين هو السخرية منهم أو استهجان تصرفهم واعتبارهم أما مدفوعين أو مدفوع لهم أو مخدوعين، ولكن من المهم أن نحاول فهم طريقة تفكيرهم، وأن نسعى لمعرفة الأسباب التى تجعلهم يرهقون أنفسهم للدفاع عن مبارك، وهم يرون كل هذا الكم والكيف من الفساد بين رجال وقيادات النظام، وهؤلاء أغلبهم أما فقراء أو ينتمون إلى الطبقة الوسطى، ولا يبدو على هيئة كثيرين منهم أنهم من أثرياء النظام السابق، بما يعنى أنهم ليسوا جميعا من المستفيدين من نظام مبارك. بل ربما كان أغلبيتهم من ضحايا نظام مبارك والحزب الوطنى وعصابات تحالف السلطة والثروة، وربما كانوا يعانون من بطالة وفقر أو يسكنون عشوائيات أو مقابر.
هل هم باحثون عن جلاد أم أنهم ما يزالوا يعتقدون أن ما حدث أطاح بمبارك خطأ، وأن نظامه كان رائعا، فهل كانوا يصدقون دعايات النظام السابق التى يصعب تصديقها، مؤيدو مبارك حصلوا على حرية التظاهر واستخدموها فى الدعوة لإعادة نظام متسلط ملىء بالفساد، مثلما استغل البعض الحرية فى قطع الطرق أو الدعوة للهدم والفوضى. والتمييز والطائفية. و هؤلاء يستغلون الحرية فى رفض الحرية أو مصادرتها لأنفسهم.
الغريب أننى كثيرا ما أتلقى تعليقات من مؤيدين لمبارك يهاجمون ما أكتب ويقسمون بأننا سوف نندم على أيام مبارك. والمدهش أن هؤلاء لا يكتبون بلغة الفلول أو المستأجرين، مبارك لم يعد فى السلطة، وبالتالى فلا يمكن أن يكون هؤلاء طامعين فى موقع أو مال أو غيره، فهل يمتلكون توهمات عودة النظام السابق. خاصة وقد رأينا أبرز رجالات النظام وقد تساقطوا وانقلبوا بسرعة على النظام ومبارك، ومنهم من كانوا يسبحون باسمه وهاجموه قبل أن يعطى ظهره للحكم.
لقد رأينا بالأمس مظاهرات نظمها بعض مؤيدى الرئيس المخلوع ورفعوا صوره، واحتفلوا بكونه بطل تحرير سيناء التى كان عيدها بالأمس، وطالبوا بعدم محاكمته، ربما يكون منطقيا أن يرفعوا صور السادات وهو البطل الحقيقى لهذا العيد، أنور السادات هو الذى اغتيل قبل أشهر من هذا التاريخ، وربما لو عاش لكان هو الذى رفع العلم على سيناء، هذا بصرف النظر عن موقف المؤيدين والمعارضين للرئيس السادات. لقد كان هناك من بين مؤيدى السادات ن كان يتذكره فى هذه المناسبة، وبعد رحيله كان هناك مؤيدون للسادات اعتبروه صاحب رؤية بعيدة، لكن هذا جرى بعد سنوات من رحيله، أما مبارك فما يزال عصره يخضع لمحاكمة، خاصة وأنه حكم لثلاثين عاما بشكل منفرد، ولا يمكن أن نتصور مؤيديه أنهم كانوا يريدون منه الاستمرار فى السلطة إلى مالا نهاية وهو الذى كان خارج اللياقة السياسية تماما.
شخصيا يشغلنى البحث عن الأسباب التى تجعل البعض يدافع عن عصر مبارك، خاصة وأننى ألتقى بعضهم وأراهم وأسمعهم يدافعون عن عصره مع أنهم يشاهدون الفساد غير المسبوق ،فهل هؤلاء مخدوعون أم أنهم مدفوعون، أم أنهم يحنون للتسلط؟. نحتاج أن نتفهمهم لأن فهم المختلفين والخصوم مهم. ومن أجل أن نعرف كيف يفكرون. ولماذا يدافعون عن نظام كانوا من بين ضحاياه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة