طلع علينا الدكتور أيمن الظواهرى الرجل الثانى فى فيلم "القاعدة" ليطلق بعض تصريحاته الفضائية التى اعتاد إطلاقها ليثبت أنه لا يزال موجودا ولا يزال الرجل الثانى فى تنظيم بن لادن الأول، الظواهرى يقدم نظرية جديدة فى تحليل الثورة العربية طبقا لنظريته الإرهابوقراطية.
الظواهرى الأعوام الأخيرة يحرص على الظهور فى كليبات التوك شو ليطلق تحذيرا هنا أو تهديدا هناك، ولا مانع من بعض التحاليل التى تذكرنا بتحاليل فلاسفة الأنظمة العربية المتسلطة.
الظواهرى الذى يعيش فى عزلته يفكر بنفس طريقة الأنظمة العربية المتسلطة، ولا يتصور أن الدنيا تتغير، ولا يصدق انه هو وتنظيمه القاعد، لم تعد لهما فاعلية، اللهم إلا فى قتل الأبرياء هنا أو هناك. وبعد أن أنهوا تعاقد التهديد المنتج للإرهاب بينهم وبين الولايات المتحدة الأمريكية، فضل الظواهرى أن يلعب دور النجم التلفزيونى، وكل فترة يخرج ليهدد ويتوعد أمريكا ثم تقع تفجيرات فى العراق أو فى الصومال تحقيقا لبرنامج القاعدة الذى يرمى لقتل أبرياء وضعفاء وعزل، بل إن إنجازهم الذى يباهون به وهو غزوات سبتمبر كانت مقدمة لتدمير واحتلال دول عربية واسلامية بآلاف الأضعاف من سقط من الأبرياء فى برج البرجين، وقدمت القاعدة أكبر خدمات وحجج لليمين الأمريكى ليعيث فى الأرض فسادا.
آخر ابتكارات الدكتور الظواهرى الكليبية، فهى الخروج بتحاليله الحديثة عن الثورة فى مصر وتونس والدول العربية والتى أطاحت فيها الشعوب بالحكام المتسلطين، وطالبت بنظام حكم يمنحهم العدالة والمشاركة والمساواة وهو ما لا يبدو أن الظواهرى القابع فى جبال تورا بورا يستوعبه أو يفهمه وتخيل أن تلك الثورات قام بها أعوانه أصحاب أكبر إنجازات فى قتل الأبرياء.
وبما أن الكلام ليس عليه جمرك فقد نسب الظواهرى الثورات العربية إلى تنظيم القاعدة ربما يقصد التفجيرات وقتل الأبرياء، حيث يقتسم تنظيمه القتل والترويع مع أنظمة الحكم المتسلطة ويمنح أجهزة الاستخبارات ما تريده من حجج لتشن حروبها.
الظواهرى فى مقالته «خطط ما بعد الثورة» قال لا فض فوه ولا فض قلمه، إن القاعدة ليست ضد «الثورات والمظاهرات السلمية» التى تُطيح بالديكتاتوريات؛ وأنه ما لم تجلب المظاهرات السلمية الإسلاميين لحكم البلاد؛ فإن «استخدام العنف يعد أمراً إلزامياً». وهو نفس أسلوب الأنظمة البائدة، الإرهابوقراطية.
السيد الثانى يخرج بعد طول صمت ليكشف لنا أنه منعزل مثل بن على وبن مبارك وبن صالح وبن قذافى، يدعو أنصاره للعنف وقتل مزيد من الأبرياء. ولا يدرك الظواهرى أن الشعوب قدمت شهداءها من أجل التحرر من أنظمة حكم لا تختلف كثيرا عن الظواهرى وقاعدته وكليباته . لا يدرى الظواهرى أو ربما لا يريد معرفة أن العالم تغير كثيرا وأن الشعب الذى ثار ضد أنظمة متسلطة، يسهل عليه مواجهة تهديدات القاعدة وغيرها. الظواهرى يقدم تحليلات تناسب جبال تورا بورا، وتناسب الحكام المتسلطين الذين يقترب جيلهم من الأفول. وانه وتنظيمه اصبحوا من الماضى.
الظواهرى والقاعدة وتنظيمات التعصب والعنف هى فى الواقع نتاج تفاعلات وتحالفات بين الأنظمة المتسلطة والأجهزة الاستخبارية الأمريكية وربما ليست مصادفة أن يكون ملف الأفغان العرب فى يد بوش الأب وحسنى مبارك نائبا للرئيس السادات ثم السعودية، وهؤلاء هم من مولوا وصنعوا قاعدة القاعدة التى يتوقع أن تنتهى مع نهايات الأنظمة التى صنعتها وغذتها. خاصة أن أساتذة الظواهرى ومن علموه القتل هم أنفسهم تراجعوا وأعلنوا خطاهم واعترفوا أن الإرهاب والقتل لا ينتهى إلى نتيجة ولا إلى تمكين وإنما إلى مزيد من القتل، لكن الظواهرى فى عزلته مثل حكام التسلط، مستعدون لقتل شعوبهم من أجل يوم واحد فى الحكم.
أيمن الظواهرى لا يختلف كثيرا عن تيارات مغلقة ومتعصبة ومعزولة كان رواجها فى بيئة القمع والتطرف الديكتاتورى ويتوقع أن تنتهى مع نهاية الأنظمة التى كانت تصنع الإرهاب لتهدد به شعوبها فوجدت نفسها تركب أسدا. فلا هى تعرف ديموقراطية ولا القاعدة ورجليها الأول والثانى يعرفان غير "الإرهابوقراطية"، لكنها المكابرة والغرور الذى يقود الإنسان إلى حتفه، وأفضل دور يلعبه كبار منظرى الإرهاب هو دور نيرون. وربما تكون افضل خدمة يقدمها هؤلاء للإسلام وللإنسانية وللديموقراطية أن يصمتوا ويتوبوا عن جرائمهم التى لا تسند سوى المتسلطين والمتجسسين.