يبدو المشهد السياسى والاجتماعى والثقافى ما بين مصر وتونس محملا بالكثير من التساؤلات، لدرجة أنه فى أحيان كثيرة يبدو الإصرار على طرح السؤال أو محاولة الفهم أمرا عبثياً، فى ظل ما يتناقل من أخبار والأحداث السريعة المتلاحقة، فإذا كنا نحن مشغولين بقضية كاميليا شحاتة، وتشهد شوارع القاهرة مظاهرات للسلفيين تطالب بظهورها، وأيضاً احتلالهم مسجد النور ثم عودته مرة أخرى إلى وزارة الأوقاف بمساعدة القوات المسلحة، فإن تونس، التى سبقتنا بخطوات إلى الثورة تشهد هى الأخرى ممارسات مستفزة للسلفيين والمتطرفين، أهمها الاعتداء على المخرج التونسى نورى بوزيد بآلة حادة من قبل مجهول، وبعد ذلك أوضحت الأخبار أن نورى قد تعرض لهذا الهجوم من قبل بعض المتطرفين والسلفيين نتيجة أفكاره وآرائه التى يعبر عنها بحرية سواء فى أفلامه أو فى النقاشات الحوارية، وتصريحاته الداعمة لحرية الفن والفكر وفرض الرقابة على الفن بجميع أشكاله، وهو الخبر الذى استنكره كل الفنانين والمتابعين والمهتمين بالفن فى العالم العربى، لكن ما لفت انتباهى حقا هو البيان الصادر عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والتى استنكرت فيه ما وصفته بـ«حملات التكفير والاعتداءات» اللفظية والجسدية التى يمارسها بعض التيارات الدينية بدعوى الدفاع عن الدين.
ولفتت الرابطة فى بيان حمل توقيع رئيسها مختار الطريفى، إلى أنه فى الفترة الأخيرة «تفاقمت وتعددت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان فى ظل واقع الحرية الذى أصبحت تعيشه تونس بعد الثورة».
وأضاف: إنه «بدعوى الدفاع عن الدين، حصلت انتهاكات تمثلت فى حملات تكفير تورط فيها بعض التيارات الدينية، واعتداءات لفظية مشينة على النساء أصبحت شبه شائعة، بسبب آرائهن أو لباسهن أثناء تجمعات حاولت منعها بعض المجموعات».
وأشار بيان الرابطة إلى أن «البعض حاول استغلال الأمر لفرض أداء الشعائر الدينية أو تكفير بعض المربين فى بعض المدارس الثانوية».
وأوضحت فى بيانها: إن الأمر وصل حد الاعتداء على الحرمة الجسدية لبعض الفنانين، مثل المخرج السينمائى النورى بوزيد، أو تهديد بعض المربين فى حياتهم.
وحذرت الرابطة من تعدد ممارسات استغلال فضاء المساجد المخصص للعبادة للترويج لتوجهات سياسية فى إطار نظرة لمشروع مجتمعى يحاول البعض فرضه، ترقبا للحملة الانتخابية المنتظرة.
وقالت الرابطة: إنها إذ تؤكد ضرورة احترام حرية المعتقد وحق ممارسة الشعائر الدينية، فإنها تستنكر الاعتداءات المتكررة التى تستهدف معتقدات وأفكار أشخاص وجماعات بدوافع دينية.
قصدت أن أعيد نشر نص البيان كاملا ومرة ثانية لما يحمله من أمور وتفاصيل خاصة بممارسات المتطرفين والسلفيين فى تونس.
كل ما أخشاه أن تتكرر المشاهد فى مصر، أو أن نكون على الطريق نفسه، خصوصا أن التفاصيل باتت تتشابه، فقد يخرج علينا من يكفر الفن والفنانين، ومن يرفض أى نقاش حول حرية الفن أو من يضع شروطا للفن.. ولقد أصبح بالفعل لدى أغلب الفنانين تخوف من سيطرة الفكر السلفى على الفن، حتى إن مخرجا صديقا قال لى «مازحا» عن رأيه فى تصريحات الجماعات الإسلامية حول الفن، إنهم سوف يجعلونه فنا إسلاميا: «لو عايزينه فن إسلامى إحنا بنجهز حاليا أنا والمخرجون أصدقائى لأفلام عن عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وأسماء بنت أبو بكر.. ومسلسلات عن غزوات الرسول».. وأرجو ألا يفهم من كلامى أننا ضد هذه النوعية من الأفلام، فهى مهمة أيضا، لكننى ضد التطرف بجميع أشكاله.