لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع، والاختلاف فى التذوق التليفزيونى أو بمعنى أصح التنوع، دوماً يصب فى مصلحة أصحاب الإنتاج التليفزيونى، لكن متى يصب فى مصلحة المشاهد؟.
ولنكن أكثر دقة، فى مصلحة المشاهد المصرى ؟، فهذا المسكين لا يزال هو البطل الغائب فى خضم الحديث عن تطوير الإعلام المصرى، واحدة من أهم القضايا المطروحة للنقاش فى إطار معركة إعادة بناء مجتمع مصرى جديد.
«المشاهد المصرى» الذى يتحدث الجميع باسمه ولا يتحدث أحد عنه!، أخبرونى من فضلكم: كم دراسة أجريت لأجل التعرف على اتجاهات الرأى لدى المشاهد خلال الشهور الثلاثة الماضية ؟، وكم استطلاعاً علمياً للرأى أجرى خلال الفترة نفسها، للتعرف بصدق على ما يرغبه ويريده المشاهد المصرى من تليفزيون بلاده فى الفترة القادمة ؟، وأين ومتى عبر المصريون عن شكل الشاشة كما يريدونها ؟.
لا توجد إجابة بالطبع، لأنه فى إطار استعراض العضلات الإعلامية، وتصفية حسابات معارك قديمة، والسعى لأجل طموحات جديدة، تاه المشاهد فى السكة، فلا صوت يعبر عنه، ولا أحد يكترث به ! ولو أن هناك إجابات موجودة، لكان الإطار العام للحديث عن التغييرات «المأمولة» فى التليفزيون المصرى أكثر واقعية وقرباً من هوى المصريين.
والنتيجة الواقعية لما سبق وما أخشى حدوثه هى إعادة إنتاج للفشل !، أن تظهر علينا شاشة تتحدث عما يريد صناعها لا عما نريد ونحتاج نحن، شاشة بعيدة عنا كل البعد: عن قلوبنا وعقولنا.
علينا يا سادة أن نواجه أنفسنا بالحقيقة، أن نكون أكثر قسوةً معها، فما يجرى الآن على أرض مصر، سيحسم مصيرها لأجيال، لذا ليسأل كلٍ منا نفسه: ما الذى أرغب فى أن أراه فى تليفزيون بلادى ؟ كيف يعبر عنى ؟ وكيف يمتعنى ؟، كيف نتعامل مع هذا الكيان باعتباره ملكية تخصنا نمولها من جيوبنا.
وعلى صناع ما سنراه على شاشة التليفزيون المصرى، أن يدركوا بأنهم يعملون لأجل المشاهد، وبالبلدى يغنوا له مش يغنوا عليه، وعليهم أن يناقشوا وأن يستمروا فى المناقشة ليل نهار، حول الشكل الأمثل للشاشة المصرية، فـ«العصف الذهنى» الآن، هو الخطوة الأهم.
تليفزيون لكل مواطن.. لما لا ؟، ليس المقصود بالطبع قناة لكل مواطن، بل تليفزيون يستطيع بقنواته المتكاملة أن يلبى كل الاحتياجات الإعلامية لكل مواطن المصرى، للدرجة التى يشعر كل مواطن فيها، أن هذا التليفزيون له وحده.
الوقت ينفد، وليس أمامنا الكثير منه، وفى كل الأحوال سيستمر ماسبيرو، فإما يستمر ككيان إعلامى يليق بمصر.. تاريخها ومستقبلها، أو يكون مجرد واجهة تليق بمجتمع ينتظره الجمود.