انتظرت طويلاً على محطة الرياضة فى «عز الضهر» ترقباً لـ«أتوبيس» ثورة يناير، على أمل أن يصل ليريحنا من عناء الانتظار على نفس محطة قبل الثورة! لكن الانتظار طال، وشمس الفساد «سنترت» فى سماء الرياضة، وكأن شيئاً لم يكن.
طول الانتظار على محطة الرياضة دفعنى للتفكير والتأمل بشأن نظرة «حكام اليوم» للمحروسة سواء رئيس الوزراء الشعبى جداً عصام شرف.. أو المجلس العسكرى المضمون شعبياً جداً للرياضة، ولماذا ينظر إليها باعتبارها «لعب عيال».. ولا تتعجب عزيزى القارئ!
أيوه د. شرف رئيس حكومة تسيير أو تصريف الأعمال، وبالتالى المجلس العسكرى يرى أن الرياضة لعب عيال.. ومش محتاجة محاسبة أو فتح ملف فسادها الآن، أو اعتبراه ملفا مؤجلا!
نعم د. شرف تحديداً أرى أنه يعامل الرياضة بطريقة لعب العيال، فهو لا يرفع من الخدمة المسؤول الأول عنها، مع أنه رفع تقريباً كل اللى مشغلينه، وكل اللى شغلوا اللى مشغلينه، فهل يرى د. شرف أن المسؤول الأول عن الرياضة كان بعيداً عن منظومة «آل مبارك ليمتد»؟!
طيب لو د. شرف حاسس بكده، حتى كان يسأله عن الفساد الضارب بعنف فى جدران البيت الرياضى المصرى، وبالتالى لولا دعوات المصريين لانهار الأساس الغارق فى بركة مجارى الفساد، إذا لم أكن متجنيا على مسؤولى الرياضة!
د. شرف ما معلوماتك عن رؤساء الأندية من رجال الأعمال؟
هل تعلم أن أغلبهم إذا لم يكن عضواً فى شبكة فساد عليا عبر أعماله، فعلى الأقل هو منتسب أو متسبب بحكم رضاه بالمقسوم أو موافقته على كونه «عبد المأمور»؟!
د. شرف لماذا لا تطلب الاطلاع عبر مستشاريك على خارطة الطريق الرياضى المصرى التى كان قد وضعها د. «نظيف» جداً، وتولى قيادتها اللواء منير ثابت جداً، ويعمل من خلالها زاهر جداً وحمدى جداً جداً وغيرهم وغيرهم وغيرهم جداً؟!
شركات وهمية، وإدارة من الباطن لكل المشروعات الرياضية أو أغلبها، ده طبعاً غير «الأمر المباشر» الذى يذكرنا بأنه يمثل القضاء والقدر أيام حكم آل مبارك، الله لا يعيدها!
طبعاً يا د. شرف أى اقتراب من ملف فساد الرياضة تقابله كل «الجُمل» الرنانة، مش «الجَمل» بتاع الموقعة القذرة، مثل المتهم برىء حتى تثبت إدانته، واتقوا الشبهات، والمواد المثيرة للغثيان فى لوائح خربة دعم وجودها للأسف د. على الدين هلال.. إلا بالمناسبة، أين د. هلال صاحب نظرية أن من يعارضون اكتشافه المقعر «جمال مبارك» لا يتعدون الـ30 ألفا من 80 مليون مصرى.. بس ده مش موضوعنا.. ربنا يسامحه.. بس أشك!
د. شرف لماذا انتظرت بعد«موقعة الجلابية» اللى واضح جداً إن الفسدة مدانون فيها؟!
د. شرف لماذا يرأس هيئة استاد القاهرة «مدلك» مبارك والحارس الشخصى فى شبابه لنجلى مبارك السابق، حتى أن الرجل يخرج لنا لسانه على الفضائيات، مؤكداً أن أيام مبارك هى أجمل 30 سنة فى حياته?!
د. شرف لماذا يترك المسؤول الأول عن الرياضة رئيس اتحاد الكرة يخرج لنا لسانه أيضاً عقب الهزيمة الكروية من جنوب أفريقيا مؤكداً أن سببها الظروف السيئة اللى مر بها البلد؟.. أى والله، اعتبر سيادته الثورة النبيلة ودماء شهدائنا فى 25 يناير ظروفاً سيئة وأياما سوداء.. بالطبع عليه وعلى الفاسدين أمثاله!
د. شرف عايزين نعرف إنت منتظر إيه؟!
د. شرف اسمح لى أقول لحضرتك إن تصريف الأعمال أو تسييرها لا يعنى أن الرياضة لعب عيال، وأنت تعلم جيداً أنها كانت مدخلاً عظيماً لكل فساد، والدليل رجال الأعمال وسطوتهم على الأندية بدون مشروعات استثمارية، فقط شهرة، واستخدام للنجوم، وشعار النادى، وكرة القدم، واسأل ممدوح عباس ومحمد مصيلحى، وغيرهما كثيرون، أين هم الآن وهل لو عرض عليهما العودة مجدداً لرئاسة ناديى الزمالك والاتحاد السكندرى سيوافقان؟!
د. شرف اعتبر أن النداء الأخير انطلق من بورسعيد رغم أن ربنا ستر وهو دائماً يستر المحروسة، وتأمل بعمق الأحداث وتدبيرها المفاجئ، ثم سيطرة الجيش، وتشكيل من عادوا من الأمن ليتركوا الأمور وكأنهم يعاقبون الشارع المصرى على انكساراتهم التى تسبب فيها الفاسدون منهم برئاسة العادلى عبدالمأمور مبارك السابق.
د. شرف.. الرياضة مش لعب عيال.. ولو كانت لعب عيال.. خللى بالك إن العيال لو سبتهم يلعبوا بـ «لعب» خطيرة وكل واحدة منهم يمسك آلة حادة على أنها لعبة ستكون الأسرة كلها فى خطر.. ووقتها لن يجدى اعتبار المآسى مجرد لعب عيال.
د. شرف تدخل قبل أن يفوت الآوان، وارفع سرعة أتوبيس الثورة ليصل لمحطة فساد الرياضة فى الوقت المناسب.. المحروسة لا تحتمل المغامرات.. ولنا عودة إذا لم يصل أتوبيس الثورة قريباً.. فربما أتصل بالنجدة.. أو بالفساد نفسه!