شهادة مسيحية عن فتنة إمبابة يكتبها سليمان شفيق

الفتنة دبرها كمين أمنى.. والإعلام أشعل تبادل الاتهامات بين السلفيين والمسيحيين

الجمعة، 20 مايو 2011 12:46 ص
الفتنة دبرها كمين أمنى.. والإعلام أشعل تبادل الاتهامات بين السلفيين والمسيحيين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ أمام السفارة الأمريكية اكتشفت أن بعض محترفى »القبطية «وحقوق الإنسان» القبطى «أقنعوا المتظاهرين بالتوجه للسفارة للضغط على المجلس العسكرى

منذ صباح يوم الأحد 8 مايو وحتى مساء الأربعاء 12 مايو تنقلت ما بين إمبابة وماسبيرو وميدان سيمون بوليفار المجاور للسفارة الأمريكية، استمعت، وشاهدت، واستنشقت، ولمست، وتذوقت، باختصار عشت وعايشت بكامل حواسى الأحداث، بخبرة محقق صحفى، وحرفية باحث تابع الأحداث الطائفية منذ ربع قرن مضى، ولذلك سوف أقدم شهادتى عن الأحداث، علما بأننى لست جهة تحقيق بالمعنى القانونى .

فى البدء كان الأمن!
بداية كانت أجهزة الأمن بالجيزة على علم تام بجميع تفاصيل ومفرادت الأزمة، وادعاء ياسين ثابت باختطاف زوجته عبير فوزى التى سبق أن أعلنت إسلامها، وأكد ياسين لأجهزة الأمن أن زوجته «المخطوفة» تختبئ بكنيسة مارمينا بإمبابة، بعدها قامت أجهزة الأمن باستدعاء بعض مشايخ الحركة السلفية فى إمبابة للبحث عن حل (حدث ذلك ظهر السبت 7/ 5 فى اجتماع استمر ساعتين منذ الواحدة ظهرا حتى الثالثة عصرا)، وتقرر فى الاجتماع اصطحاب القيادات الأمنية للشباب ولمشايخ السلفية والذهاب للكنيسة لمعرفة الوقائع والتأكد منها. أثناء انعقاد الاجتماع الأمنى السلفى، توجه أحد مخبرى أمن الدولة السابقين إلى إحدى العائلات المسيحية المقبوض عليهم الآن، و أخبرهم بأمرالاجتماع (المنازل المحيطة بكنيسة مارمينا بشارع المشروع يملكها مسيحيون منهم عادل لبيب المتهم فى الأحداث). وكما صرح لى أحد شهود العيان فإن المخبر بعد أن «سخن» المسيحيين ذهب إلى أحد منازل الشباب السلفى وسخنهم أيضا، وفجأة نشب حريق من الشائعات فى أوساط المسيحيين بأن السلفيين سوف يهاجمونهم ويقتلونهم، وفى أوساط بعض المسلمين من سائقى الميكروباص، وعمال المواقف، أو بعض البلطجية على المقاهى بأن الأقباط يعدون السلاح لقتل المسلمين!

عبير وياسين
قبل ان ننتقل بكم إلى ساحة المعركة التى اندلعت أمام كنيسة مارمينا نتوقف معكم لكى نعرفكم على الأبطال الحقيقيين لفيلم الفتنة البغيضة، من واقع أقوال بعض أهالى قريتى »الشيخ شحاتة« و»بويط« بأسيوط، منهم كهنة وأئمة مساجد:
عبير فخرى من قرية الشيخ شحاتة تزوجت من شاب مسيحى من قرية بويط، وأنجبت منه بنتا اسمها مريم (3 سنوات)، أصبحت عشرتها لزوجها مستحيلة ، ففرت منه ومن أهله، طلبت الطلاق، و كالعادة رفضت الكنيسة، وأثناء خلافاتها ظهر لها السائق ياسين من قرية (بويط)، هربت معه، وأشهرت إسلامها، كتبت فى وثيقة الإشهار أنها (بِكر) وتزوجت عرفيا (رغم أنها متزوجة وأم ) تبرأ أهل ياسين من ياسين، وتبرأ أهل عبير من عبير، ويجمع الأهالى على أن ياسين شاب شقى ومدمن مخدرات، وأحيانا يتباهى بالاتجار بالمخدرات، ويحصل على المال من علاقاته النسائية، ويجمع أهل قرية عبير على أنها قبل زواجها الأول كانت وديعة ومتدينة، ولكنها تغيرت كلية بعد مشاكلها الزوجية، (فى حديثها الهاتفى مع otv قالت إنها لم تجد مخرجا لمشاكلها سوى إشهار إسلامها).
إحصائية: 56 % من حالات المتحولين من المسيحية إلى الإسلام بسبب الخلافات الزوجية وتعنت الكنيسة من السماح بالطلاق.

على من نطلق الرصاص؟
نعود إلى كنيسة مارمينا بشارع المشروع، يجمع الآباء الكهنة، الأب هرمينا والأب شاروبيم، ولا يختلف معهم كثيرا الشيخ محمد على، إمام مسجد التوبة، على الآتى:
جاء رجال الأمن بصحبة مشايخ السلفية وسأل رجال الأمن عن عبير، نفى الآباء الكهنة وجودها بالكنيسة، وتأكد من ذلك رجال الأمن والشيخ محمد على (أكد الشيخ محمد على أن قصة ياسين كاذبة) ولكن من المهم أن نعلم أنه خلال الدقائق التى تأكد فيها أن هذه القصة كاذبة كانت الحشود التى شحنت من قبل متجمعة أمام الكنيسة، وبعد إطلاق النيران وإلقاء زجاجات المولوتوف .
مشايخ السلفية يصرون على أن المسيحيين هم الذين أطلقوا النار.
القساوسة يؤكدون عكس ذلك، ويستندون إلى كاميرات المراقبة بالكنيسة.
تحقيقات النيابة تشير إلى أن مصابى تلك المعركة 30 قبطيا و80 مسلما.
باقى الأحداث معروفة ومنشورة فى الكثير من الصحف ووسائل الإعلام، ولكن غير المنشور أن تجارة السلاح هى التجارة الأولى فى إمبابة التى تعد المحطة الأولى لقدوم السلاح من الصعيد، ومعروف لدى أجهزة الأمن من هم تجار السلاح وتجار المخدرات، وأن هناك أربع عائلات (ثلاثة مسلمين وواحدة مسيحية) يعدون من كبار مشترى السلاح إما للسمسرة أو للاستخدام الشخصى.
إن نصف سكان إمبابة أعضاء فى الحزب الوطنى، من كبار العائلات، وحتى من سائقى الميكروباص والبلطجية العاملين فى المواقف، وأغلبهم كانوا من المساندين لمرشحى الحزب الوطنى المنحل فى الانتخابات السابقة.
أكدت مصادر أخرى أن تجارة السلاح دخلت إمبابة منذ الجمهورية الأولى للشيخ جابر، وأن أجهزة الأمن السابقة، خاصة مباحث أمن الدولة، قد شجعت المسيحيين والمسلمين المختلفين حينذاك مع الجماعات الدينية على امتلاك السلاح بترخيص أو بدون ترخيص، واستطاعت أن تشجع المساجد الخاصة بالسلفيين، و كهنة الكنائس على مؤازرة الحزب المنحل فى مواجهة المعارضة وجماعة الإخوان المسلمين، لذلك فإن أغلب كهنة المنطقة ومشايخ السلفية على علاقة أكثر من طيبة بالحزب الوطنى وأجهزة الأمن.. لذلك لم يكن غريبا ظهور كل هذا السلاح، ولم يكن جديدا استخدامه من الطرفين، فهناك خبرة تعامل عمرها يمتد لأكثر من ربع قرن من جمهورية الشيخ جابر الأولى، وحتى جمهورية مشايخ السلفية الثانية.
بعد تدبير الكمين الأمنى للسلفيين المسيحيين والمسلمين، انسحب القادة من صدارة المشهد، وذلك بعد أن تمت اتصالات مكثفة من خارج إمبابة للقادة الميدانيين، فبدأ قادة المسيحيين وقادة السلفيين فى الانسحاب، واللجوء للإعلام لتبادل الاتهامات مع بعضهم البعض، وتحرك المحامون بالنصح والإرشاد فى تقديم البلاغات المتبادلة، وتفرغ آخرون لمحو الأدلة، ولكن النار كانت وصلت إلى الغوغاء والدهماء والبلطجية (وهم بالمناسبة من فلول الحزب الوطنى وبالتالى يتم الآن التركيز على الفلول)!

من إمبابة إلى ماسبيرو
حاولت مجموعات من الصعايدة المسيحيين القادمين من حزام البؤس القاهرى الدخول لإمبابة من الجهة الغربية، وأتى من الشرق مدد إسلامى من بشتيل، ورأيت بأم عينى عشرات من الرشاشات فى أيدى الطرفين، لكن القوات المسلحة كانت قد أحكمت السيطرة، ولولا ستر الله والقوات المسلحة لكان حادث إمبابة سيؤرخ له كبداية للحرب الأهلية فى مصر، مثل حادث عين الرمانة فى لبنان.
من أمام دار القضاء العالى تحرك أكثر من عشرة آلاف مسيحى ومسلم بشعارات الثورة نحو ماسبيرو، تصادم الحشد مع بعض البلطجية بجوار فندق هيلتون رمسيس، سقط أكثر من خمسين مصابا، خمسة أطباء جهزوا سريعا مستشفى ميدانيا، وصل المتظاهرون لماسبيرو، وعلى مدى أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء الماضية بدء العد التنازلى لأعداد المحتجين:
انسحب عدد من العقلاء بعد ترديد قطاع من المتظاهرين ضد القوات المسلحة (يا مشير قول الحق... إنت سلفى ولا لأ).
انسحب العدد الآخر بعد ضرب الطوب على مبنى التليفزيون (وقف أحد الكهنة وتصدى للطوب وأصيب فتوقف ضرب الطوب).
انسحبت الأغلبية بعد قرارات رئيس الوزراء مساء الأربعاء بعد أن التقى شباب الثورة وشباب المعتصمين.
ملحوظة: (أصبح استخدام الصليب والمصحف فى التظاهرات المساندة للأقباط ضربا من ضروب العادة، رغم أن كل المشتركين فى التظاهرات يزعمون أنهم من أنصار الدولة المدنية). أصيب الرأى العام القبطى بالذهول حيث علم بأن هناك عشرات من الشباب القبطى يذهبون إلى السفارة الأمريكية طلبا للحماية، ذهبت إلى هناك، التقيت مجموعة من الشباب، ومن خلال الحوار الذى دار بعد الصدام معهم اكتشفت أن هناك بعض محترفى «القبطنة» وحقوق الإنسان القبطى قد أوحوا للشباب الغاضب بهذه الفكرة كنوع من ابتزاز المجلس العسكرى وحكومة شرف والكنيسة، ولكن بعد التصدى لتلك المحاولة عدل الشباب عن الفكرة ولكن أحدهم قال لى: «أصبحت لدينا طريقتان للضغط على السلطات.. ماسبيرو والسفارة الأمريكية».

سلفى قبطى سلفى مسلم إيد واحدة!
هنا فى «اليوم السابع» نشرت قبل الأحداث مقالين: »محاولات تفكيك الدولة المصرية- كتب فى 1/ 5 عن أحداث قنا»، ثم » الدولة آيلة للسقوط ولاحياة لمن تنادى كتب فى 6/ 5 ونشر فى 9/ 5» وأود أن أذكر الآتى:
تصريحات المجلس العسكرى بأن قوى النظام السابق خلف الأعمال الإجرامية، وأن هناك قوى خارجية وراء أحداث الفتنة الطائفية، وأن المجلس العسكرى يتعقب المواقع التى تثير الفتنة (نشرت هذه التصريحات 4/5/2011).
كانت الفترة منذ أول مايو وحتى 6 مايو قد شهدت:
اقتحام البلطجية أقسام الشرطة فى الساحل وكرداسة ودكرنس.
المظاهرات السلفية أمام الكاتدرائية بشأن كاميليا شحاتة.
تفجير أنبوب الغاز الخاص بإسرائيل فى اليوم الثانى من لقاء د.عصام شرف بأهل سيناء.
محاولة إفساد مؤتمر د. عصام شرف فى قنا (أكد جميع القيادات: الائتلاف الثورى وتنظيمات الجهاد والإخوان والجماعة الإسلامية أن وراء ذلك أمن الدولة وقيادات الحزب الوطنى فى أحاديثهم للجزيرة مباشر)
إعلان القضاة رغبتهم فى الإضراب لانعدام الأمن
اضراب الأطباء لنفس السبب.

ثلاث ظواهر مرتبطة
الأولى: العجز لدى القيادات الكنسية عن حل قضايا الطلاق والخلافات الزوجية التى تبلغ ثلاثمائة ألف حالة.
و ليس لديهم سوى سيناريو واحد عقيم .. الاحتفاظ بالضحية فى أحد الأماكن الخاصة بالكنيسة، والتعامل معها على أنها مريضة نفسيا وتحتاج لنصج وإرشاد دون الخوض فى جوهر المشكلة، وفقدان البصيرة فى إدارة الأزمة، مثال (وفاء قسطنطين، وكاميليا شحاته، وأخيرا عبير فخرى والبقية تأتى).
الثانية: فى مقال بعنوان «ماذا يريد السلفيون» الشروق2 /5 /2011 كتب: «إن ممارسات السلفيين قدمت لنا أسوأ ما لديهم وليس أفضل ما فى مشروعهم الذى التبس علينا أمره، لذلك فإننى أتمنى أن يقدموا أنفسهم بحسبانهم إضافة للوطن وليس تخويفا لأهله وخصما من رصيده وإجهاضا لحلمه».
الثالثة: إن الوطن على شفا هوة سحيقة، والأحداث تتلاحق وترتبط دائما، محاكمات مبارك، أو صدور الحكم على العادلى، وأجهزة الأمن مخترقة، وتسببت فى كل ما حدث إما بانسحابها أو بتواطؤها، أو بتدبيرها لأحداث إمبابة عن جهل أو عن عمد، ودائما نجد حلفاء الأمن السابقين تحت الطلب، هؤلاء الذين يدافعون عن مكتسابتهم التى حققوها طوال الثلاثين عاما الماضية سوف يجرّون الوطن إلى الحرب الأهلية أو التدويل، لا قدر الله، وليس أمامنا سوى الدعاء لله بحثا عن معجزة أخرى مثل التى حدثت فى 25 يناير .





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة