حبل المشنقة وحده لايكفى لمقاومة البلطجة العنيفة والجرائم البشعة التى روعت النفوس وأثارت الرعب فى القلوب، بل يجب أن تهبط يد العدالة قوية باطشة، تزلزل الأرض تحت أقدامهم وتطبق عدالة السماء، والحمد لله أن القضاء العسكرى استخدم مؤخرا سيف القانون الباتر ضد أربعة من الذئاب البشرية، اختطفوا فتاة عمرها ١٧ سنة وأوسعوا خطيبها الذى كان يسير برفقتها ضربا، وطعنوه بمطواة وهو يدافع عنها، ثم اصطحبوها إلى منطقة مهجورة، واغتصبوها عدة ساعات، ولم يرحموها حتى بعد أن فقدت الوعى، و سالت الدماء منها بغزارة، وظلت تصرخ فيهم و تتوسل إليهم أن يرحموها، لكنهم أرادوا أن يستكملوا التهام الفريسة الضعيفة فى مكان آخر، وقاموا باستدعاء بعض أصدقائهم لمشاركتهم فى المتعة الحرام.
تكملة القصة
حمل الذئاب الفتاة فوق عربة كارو ولا يستر جسدها شىء، وغطوها ببطانية حتى لايراهم أحد، ولكن بعض المارة سمعوا أنينها، وهاجموا المختطفين، وقاموا بتسليمهم للجيش، وعلينا أن نسأل أنفسنا، ماذا يمكن أن نفعل إذا كانت هذه الضحيةالبريئة بنتنا أو أختنا أو قريبتنا، وهل يكفينا أقل من أن نقتل هؤلاء الذئاب بأيدينا وأن نشرب من دمهم، أو على الأقل أن يتم إعدامهم فى ميدان عام ليكونوا عبرة وعظة لمن يستبيحوا أعراض غيرهم، وينشرون الرعب والذعر والخوف بين الناس، ويجعلون كل أب وأم يضعان أيديهما على قلوبهما إذا تأخرت إحدى بناتهم خارج البيت.
حبل المشنقة وحده لا يكفى لمسح آثار جريمة "أولاد حكيم" الذين جردوا شابا من ملابسه- كما ولدته أمه- وصلبوه فى بوابة حديدية ومزقوه بالأسلحة البيضاء، لأنم شكوا أنه أبلغ عن تجارتهم فى المخدرات، وأطلقوا الأعيرة النارية فى شارع الاشتراكية بالعمرانية، وهم يرقصون حوله ويهتفون "بص شوف أولاد حكيم بيعملوا إيه"، وانتهت المأساة المروعة التى نشر تفاصيلها اليوم السابع، بوفاة الشاب على صدر أمه بعد أن لقنته الشهادة، وتظل روح هذه الضحية معلقة بين السماء و الأرض إلى أن ينزل القصاص العادل بهؤلاء الجناة.
كله كوم وإرهاب البلطجية للقضاة فى قاعات المحاكم كوم، فكيف يحكم القاضى بالعدل، بينما هو غير قادر على أن يوفر العدل لنفسه، العدل فى آن يكون آمنا ومطمئنا من كل خوف، العدل فى تطبيق القانون وإنزال العقاب بالجناة، بينما أهل البلطجية وأتباعهم وفتواتهم يحاصرون المحاكم من الخارج، ويشهرون السنج والسيوف فى وجه القضاة داخل المحكمة، ومن هو ذلك القاضى "المستبيع" الذى يستطيع أن يحكم بالعدل فى مثل هذه الظروف، مما دفع القضاة إلى تأجيل الفصل فى القضايا، ولهم كل الحق فى ذلك.
حبل المشنقة وحده لايكفى، بل يجب أن يهب المصريون جميعا "لا للبلطجة"، لأن البلطجية ينفذون إلى الناس من "ثغرة الخوف" ويفرضون سطوتهم ونفوذهم وإجرامهم، والبلطجى كائن مشوه نفسيا ولا يعرف الرحمة أو الشفقة مع الضعيف، ويقف أمامه مثل الوحش الكاسر، ولكنه حين يواجه قلبا شجاعا، يصبح مثل الفأر المذعور الذى يقفز هنا وهناك خوف من صائديه، وسبحان مغير الأحوال بين صورة بلطجى يمارس إجرامه ضد المسالمين، وبين "مسكنة" نفس البلطجى وهو بين يدى العدالة وسطوة القانون.
من أين نبدأ؟.. من الفضائيات و"التوك شو" والصحف ووسائل الإعلام التى تحصن الناس بحبوب الشجاعة، وتنمى ثقافة المواجهة المجتمعية، ولنا فى تجارب شباب الثورة أسوة حسنة، عندما تمكنوا من حماية شوارعهم وبيوتهم وممتلكاتهم فى فترة الفراغ الأمنى، فتلك الروح التى تلاشت يجب إيقاظها من جديد، حتى يصبح تحقيق الأمن مسئولية المجتمع كله وليس الشرطة فقط، وأن تأخذ المشاركة المجتمعية شكلا منظما يخلص تلك التجربة من بعض مساوئها وعيوبها، ولا مانع من استلهام تجارب الدول الأخرى فى هذا المجال.
كثر الحديث أيضا عن ضرورة عودة الشرطة واستعادة هببتها ومكانتها، ولن يحدث ذلك إلا بعبور الحاجز النفسى الذى يجعل أيدى رجالها مهتزة ومرتعشة ولا تقدر على المواجهة، خوفا من المساءلة والمحاكمة، سيأخذ الموضوع بعض الوقت، ولكن "فضيلة" احترام القانون أفضل ألف مرة من "رذيلة" دهسه بالأقدام، والمثل يقول "عمر إللى راح ما هيرجع تانى"، وكان الدرس بالنسبة للشرطة قاسيا ومريرا، فيوم عيد الشرطة هو نفس يوم الثورة ضد الشرطة، التى انتهكت القانون وأذلت الناس، ولن تعود "ريما" أبدا لعادتها القديمة.