ربما من أهم إيجابيات مظاهرة ميدان التحرير أمس، وبعض الميادين فى مصر، أننا بحاجة إلى إعادة النظر فى مقولات من كثرة تكرارها تكاد أن تكون حقيقة. وأولها بالطبع أن الشارع تملكه التيارات الدينية، وعلى رأسهم بالطبع الإخوان والسلفيين. فما ذلت أذكر عنوان مقالة تم نشرها فى موقع المصريون، للأسف لا أذكر اسم الكاتب، وكان عنوانها "خذوا الفضائيات واتركوا لنا الشارع".
فهذه القوى كانت ترفض احتجاجات الأمس، وبذلت جهداً دعائياً ضخماً لدفع الناس إلى عدم الذهاب، واستخدمت كالمعتاد تلميحات دينية، وكالمعتاد وخاصة جماعة الإخوان أمرت أعضاءها بعدم المشاركة، ورغم رفض حتى بعض التيارات الغير دينية لاحتجاج الأمس، والدعاية ضده، وبالرغم من كل ذلك كان الحضور وفيراً، ويكاد يقترب من الحضور المعتاد فى "جمعات" أخرى.
الأمر لا يتعلق برفض أهداف مظاهرات الأمس أو قبولها، ولا يتعلق أيضاً برفض الخطاب السياسى للتيارات الدينية أو قبوله، ولكنه يتعلق بما هو أهم، وهو أن المصريين ليسوا تياراً واحداً، وأنه من الأوهام الكبرى لدى الإخوان وغيرهم من التيارات الدينية أنهم يستطيعون تحريك الشارع، فهم يملكونه، وإذا تواضعوا قليلاً فإنهم يؤكدون أنهم يملكون أغلبيته، وسيملكونه بالكامل بمرور الوقت.
هذا ينقلنا إلى أن ثورة اللوتس لم يقدها تيار واحد، بل يمكنك القول إن مشعلى الثورة أغلبهم محسوبون على تيارات غير دينية، وأن الملايين التى التحمت بهم كانت من المصريين العاديين، وأن الإخوان التحقوا بالثورة بعد أن استشعروا أنها بالفعل ثورة وأنها فى الغالب ستنجح.
أعود وأقول إن هدفى ليس إدانة الإخوان ولا الانتصار لغيرهم، ولكن التأكيد على أننا لا يجب أن نسمح لتيار سياسى أن يخطف البلد "ويمشيها على مزاجه"، ولكن أن نصل جميعاً إلى صيغة يتعايش فيها كل المصريين، بمختلف انتماءاتهم الدينية والعقائدية والسياسية، على قدم المساواة، صيغة تنتصر للمشتركات، ولا تنتصر لاستبداد هذا التيار أو ذاك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة