ألو مساء الخير، مساء النور أهلا وسهلا أنا »محمد.ع« من شباب ثورة 25 يناير أهلا بيك تؤمر، أولا أنا أخدت تليفونك من الجورنال وسألت عنك قالولى إنك ست محترمة وبتساعدى الناس.
رديت كتر خيرك أُأمرنى.. قال المتصل: طبعا إنت عارفة بعد الثورة إحنا بقينا إيد واحدة ولازم نحب بلدنا، ونساعد بعض أجبته طبعا طبعا، إيه المطلوب حضرتك.. شوفى إحنا لينا واحد صاحبنا محتاج مساعدة ووالدته مريضة وبيصرف على إخواته البنات، هو والدته تعبانة ومحتاجة علاج.. قلت فى حماس: بسيطة ممكن أكلم الأستاذ خيرى رمضان فى بريد الأهرام أو أى حد من زملائنا فى برامج التوك شو ليحاول مساعدتها، فبادرنى بسرعة: لا إنت فهمتى غلط إحنا عايزينك تشوفيلنا سكة عشان نسفره إلى ألمانيا عن طريق رجل أعمال أو مطرب شهير- وذكر اسم مطرب كبير معروف بتواجده الفنى المكثف فى أوروبا وتحديدا ألمانيا- علشان يسافر ويشتغل ويقدر يساعد والدته وإخواته.
مرت لحظات من الصمت كى أستوعب ما طرحه على المتصل »محمد والذى عرف نفسه بأنه من شباب الثورة« إلى أن تمالكت نفسى وبدأت أعطيه محاضرة فى الأخلاق، بدءا من محاولته إرهابى بكارت إنه واحد من الثوار، ثانيا مالى أنا ومال تسفير الشباب، ثالثا هل بات مطربا يرفع اسم مصر فى المحافل الدولية وكيلا للسفريات، أو هل يملك مكتب سفريات، وأنا أعمل معه مثلا؟
وبعد أن أغلقت الهاتف أصابتنى حالة من الإحباط الشديد، وبدأت أسترجع تفاصيل المكالمة، وطريقة كلام هذا الشاب الذى قرر أن يقمع كل من حوله سواء كان يعرفهم أم لا باسم ثورة 25 يناير وشبابها، وتساءلت: هل فكر مثلا فى أنه بمجرد أن يعلن فى وجهى أنه من شباب الثورة على أن أخاف وأرتعد، أقول له «تأمرنى ياباشا دا أنا لو معرفش أساعدك هموت نفسى ومعايا مطربنا الكبير واحنا خدامين السيادة» ما هذا الذى أصبحنا فيه؟ والمضحك أنه فى بداية المكالمة أعطانى دروسا فى الوطنية والانتماء وحب البلد والتكاتف وهو يسأل عن فرصة للعمل والهروب من مصر؟ وهل إذا قلت أن هذا النموذج الذى وضعته الظروف فى طريقى، بات نموذجا مكررا فى الشارع المصرى، وفى الإعلام وفى كل من ينصب نفسه متحدثا أو مشاركا باسم الثورة فالحال لا يختلف كثيرا من هذا الشاب إلى سائق الميكروباص، الذى أصر على رفع قيمة الأجرة والسير عكس الاتجاه وعندما حاول بعض الركاب مناقشته ومحاولة إقناعه بأن مصر بتتغير رد عليهم بصوت عال ليخرسهم أنا من شباب الثورة ورحت التحرير بس العيشة مرة، وهذا المشهد ليس من خيالى ولكن رواه لى زميلى بالقسم «على الكشوطى».
ويبدو أننا فى المرحلة الحالية قد استبدلنا جملة إنت مش عارف أنا ابن مين بجملة أنا من شباب ثورة 25 يناير، أو بسؤال آخر إنت رحت التحرير ولا لأ؟ ولن أتردد فى أن أصرخ وأتساءل صراحة: هل مصر ترجع إلى الخلف؟ خصوصا أننى لا أسمع أحدا يتحدث حتى الآن عن مستقبل مصر وكيف يجب أن يكون شكل مصر فى الفترة المقبلة، بل لم يعد يشغلنا سوى الحديث عن الماضى وعن حجم الفساد والفاسدين، وداخل البعض منا غل وتشف لكل من يملك أموالا، متناسين أننا كنا المفسدين وشاركنا فى الجريمة بالصمت فهل ننظر إلى مصر قليلا؟.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة