فى مشهد كان معد له بشكل فنى، تم الإعلان عن اغتيال فرقة أمريكية خاصة لاسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، وهو مشهد يراه أنصار القاعدة إرهاب أمريكى وتراه أمريكا انتصارا على الإرهاب، الأمر يدور على الهواء وأمام جمهور ينخرط فى مناقشات إعجاب أو رفض، لكن بن لادن عاد ليصبح نجم الموسم، بعد سنوات تراجع فيها نجمه لصالح آخرين، بن لادن أعلنت أمريكا أنها قتلته أربع مرات من قبل.
أسامة بن لادن نفسه اختفى طوال السنوات الأخيرة من الصورة التى احتلها، أيمن الظواهرى الرجل الثانى مع أنه أصبح من سنوات الرجل الأول، بن لادن أحد نجوم المشهد السياسى فى العالم طوال عقد كامل، كان أنصاره يعتبرونه بطلا لأنه يتحدى الولايات المتحدة الأمريكية، بينما يراه الأمريكان ممثلا لأعلى درجات الشر والإرهاب، بل إن مؤيدوه اعتبروا اغتياله أمرا إرهابيا من أمريكا التى اتبعت طريقة القتل بلا محاكمة، مع أن بن لادن لم يعترف بغير قانونه، أو قانون السياسة.
منذ أحداث سبتمبر لم يربح المسلمون والعرب شيئا غير الغزوات الأمريكية والدمار لأفغانستان والعراق، وصعود اليمين الأمريكى المعادى للعرب والمسلمين متخذا من بن لادن وإرهابه حجة لمزيد من القتل والغزو والتصفية.
أحداث سبتمبر كانت ضد المدنيين ومنحت فرصة لجورج بوش لإطلاق مشروع للقتل والتصفية.
أسامة بن لادن بدأ عمله فى مواجهة الغزو السوفيتى لأفغانستان بتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية وتمويل السعودية وتنسيق مصرى وباكستانى، ربما كانت مصادفة أن يكون ملف الأفغان العرب فى يد بوش الأب وحسنى مبارك نائبا للرئيس السادات ثم السعودية، وهؤلاء هم من مولوا وصنعوا القاعدة التى تتفتت مع نهايات الأنظمة التى صنعتها وغذتها.
صورة بن لادن والظواهرى تراجعت ولمعت أسماء جديدة تسعى إلى كاميرات الإعلام ومواقع الإنترنت وتتصدر المشهد وتقاسم نجومه بعض الأضواء مثل أنور العوالقى، الأمريكى من أصل يمنى الذى تصدر المشهد لبعض الوقت وقبله أبو مصعب الزرقاوى، ونتوقع أن يظهر كل فترة نجم جديد يختفى.
لقد احتلت صورة بن لادن المشهد والصفحات الأولى فى الصحف العالمية والخبر الأول فى نشرات الأخبار، خرجت مظاهرات تهلل لاغتياله، بينما أعلن كثيرون حزنهم على الرجل الذى رأوه واجه أمريكا فى عنفوان جبروتها، حتى لو كان هو أكثر من خدم هذا الجبروت، فى العراق مارس تنظيم القاعدة القتل بالوكالة، ضد الشيعة والمسيحيين، وشارك فى استمرار الحرب الطائفية التى لم تخدم الإسلام ولا العراق.
القاعدة لم تكن حركة تحرر ولا مقاومة، وكانت عملياتها ضد الاحتلال أقل كثيرا من عملياتها ضد عراقيين شيعة أو مسيحيين، مئات المجازر والتفجيرات ضد الأبرياء، والعزل فى الأسواق والمساجد والكنائس، ولا يمكن أحد أن يتذكر عملية واحدة ضد إسرائيل التى حظيت بأعلى قدر من كليبات التهديد. وفى الصومال كان الموت ضد صوماليين، وفى المغرب والجزائر تركزت العمليات ضد سياح عزل أو مواطنين غير مسلحين.
وحتى لو لم يكن تنظيم القاعدة يعمل بأجندات استخبارية فإنه خدم فى الأساس أجهزة ودول وأنظمة من تمارس سياساتها من وراء ستار، وفقد الكثير من التأييد بعد مهاجمته للمسلمين فى بلاد مسلمة، القاعدة وجورج دبليو بوش، كانا وجهان لمشهد واحد.
القاعدة هى الحجة التى اتخذها بوش لتدمير أفغانستان والعراق، والاحتلال حجة القاعدة لدخول العراق وإشعال الإرهاب فيه، فوضى الحروب منحت القاعدة الانتشار وبناء نفسها فى مناطق الفوضى الخالية من السلطة، ونشطت مصانع السلاح فى العالم، وتكالبت الدول العربية والشرق أوسطية على شراء الأسلحة لمواجهة التهديدات الإقليمية والإرهابية.
وخلال عامين على الأقل تصدر أيمن الظواهرى الرجل الثانى المشهد، لكن بن لادن عاد ليحتله لأيام أو أسابيع، ويمثل جزءا من ثرثرات ومناقشات التأييد والرفض.
القاعدة يتوقع أن تنقسم إلى نجوم جدد كل منهم يسعى لاحتلال الصورة، ونشرات الأخبار.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة