بعد ثورة اللوتس، أصبحت كل الصحف متشابهة، بما فيها طبعاً الصحف القومية، وكأن هناك محرراً واحداً هو الذى كتبها جميعاً. فالتحقيقات والحوارات وغيرها من فنون العمل الصحفى ليس لها حدث سوى أن حسنى مبارك ونظامه كانوا "ولاد ستين فى سبعين وفيهم كل الموبقات"، والأمور هنا لا يعتمد سوى على استجلاب شخصيات من العهد البائد تقول "أنا شخط فى مبارك وقلتله" و"ياما نصحت جمال".. أى الذين لم نسمع لهم صوتاً أثناء المعمعة، وبعد انتهائها يريدون أن يكونوا أبطالاً.
المصدر الثانى للصحف هى التحقيقات، وبالمناسبة كنت ضد نشرها قبل 25 وبعده، وكلها بالطبع اتجاه واحد، ويتم اختيار ما يناسب "سب ولعن" النظام السابق. أضف على ذلك القصص والحكايات التى لا أول لها ولا آخر، وكلها تؤكد لنا بحسم، أن النظام السابق كان فاسداً (يا سلام) ليس فقط مالياً، يعنى نهب المال العام، لكن حتى أخلافياً، "يعنى فلان كان بيمشى مع فلانه".
لذلك تتشابه الصحف، وتتشابه معها البرامج التليفزيونية، وأهمها طبعاً برامج التوك شو، والسؤال إذا كان كل هذا الفساد صحيحاً، ألا يعنى إدانتنا نحن الصحفيين، وأننا "مكناش بنشتغل" بدليل أننا لم نكشف هذا الفساد المروع، أو متواطئين عليه وهذه مصيبة أكبر.
المشكلة ليست فقط فى كل هذا الشغف المرضى بالماضى، وليست المشكلة فقط أن هناك من يريد أن يحقق انتصاراً مدوياً على هذا الماضى، بعد أن انتهت المعركة، لكن المشكلة الأكبر هى أن هذا يسحب من رصيدنا فى الانشغال الحقيقى ب"ماذا سنفعل؟"
لذلك أقترح على نفسى وعلى زملائى الصحفيين أن ننشغل قليلاً بالماضى وننشغل أكثر "ببكره".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة